للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن المعتز أو قدامة، ومنهم من يخلط بين هذا الفن البديعي والاعتراض.

وخير من عرض لموضوع «الالتفات» في نظرنا هو ضياء الدين ابن الأثير، فقد عالجه بوضوح وفهم لأسراره البلاغية، ولهذا آثرنا أن ننقل هنا خلاصة لكلامه عن «الالتفات» توضح حقيقته ووظيفته البلاغية، وتجنبنا الخلط الكثير الذي وقع فيه غيره من البلاغيين.

يستهل ابن الأثير كلامه، عن هذا الفن من فنون البديع المعنوي ببيان حقيقته فيقول: «وحقيقته مأخوذة من التفات الإنسان عن يمينه وشماله، فهو يقيل بوجهة تارة كذا وتارة كذا، وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة، لأنه

ينتقل فيه عن صيغة إلى صيغة كالانتقالات من خطاب حاضر إلى غائب، أو من خطاب غائب إلى حاضر، أو من فعل ماض إلى مستقبل، أو من مستقبل إلى ماض، أو غير ذلك مما يأتي ذكره مفصلا.

ويسمى أيضا «شجاعة العربية»، وإنما سمي بذلك لأن الشجاعة هي الإقدام، وذاك أن الرجل الشجاع يركب ما لا يستطيعه غيره، ويتورد ما لا يتورده سواه، وكذلك هذا الالتفات في الكلام، فإن اللغة العربية تختص به دون غيرها من اللغات» (١).

[أقسام الالتفات]

ثم يقسم ابن الأثير الالتفات ثلاثة أقسام هي:

١ - القسم الأول: في الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة.


(١) كتاب المثل السائر ص ١٦٧، ويتورد ما لا يتورد سواه: أي يعلو قرنه بما لا يعلوه سواه.

<<  <   >  >>