للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا ... والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا

فالمتنبي هنا جمع الروم ممثلين في نسائهم وأولادهم وأموالهم وزرعهم تحت حكم واحد هو الشقاء، ثم قسم ذلك الحكم إلى سبي وقتل ونهب وإحراق، وأرجع إلى كل قسم من هذه الأقسام ما يلائمه ويناسبه، فأرجع للسبي ما نكحوا، وللقتل ما ولدوا، وللنهب ما جمعوا، وللنار ما زرعوا، أي إتلاف مزارعهم بالإحراق.

ومع أن الصلبان والبيع تشترك بالعطف مع الروم في الحكم عليها بالشقاء إلا أن التقسيم خصّ بالروم وقصر عليهم وحدهم.

والثاني: هو التقسيم ثم الجمع، أو بعبارة أخرى هو تقديم التقسيم وتأخير الجمع في الحكم عليه. ومن أمثلته قول حسان بن ثابت:

قوم إذا حاربوا ضروا عدوهمو ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا

سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرّها البدع (١)

قسم الشاعر في البيت الأول صفة الممدوحين إلى ضر الأعداء في الحرب ونفع الأشياع والأولياء، ثم عاد فجمعها في البيت الثاني حيث قال: «سجية تلك».

والنوع الأول هنا كما يبدو أحسن وأوقع في القلوب من الثاني، وعليه مشى أصحاب البديعيات.


-
إن زرت «خرشنة» أسيرا ... فلكم أحطت بها مغيرا
ولقد رأيت النار تن ... تهب المنازل والقصورا
ولئن لقيت الحزن في ... ك فقد لقيت بك السرورا
(١) البدع: جمع بدعة، وهي الحدث في الدين بعد الكمال، والمراد بها هنا محدثات الأخلاق.

<<  <   >  >>