للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلاغة وأقسام البيان والفصاحة تأتي مبثوثة في تضاعيفه، منتشرة في أثنائه، فهي ضالة بين الأمثلة، لا توجد إلا بالتأمل الطويل والتصفح الكثير.

وقد أشار الجاحظ إلى البديع بقوله: «والبديع مقصور على العرب، ومن أجله فاقت لغتهم كل لغة، وأربت على كل لسان، والشاعر الراعي كثير البديع في شعره، وبشار حسن البديع، والعتابي يذهب في شعره في البديع مذهب بشار» (١).

وكلمة البديع عنده تعني الصور والمحسنات اللفظية والمعنوية وإن كان لم يوضحها توضيحا دقيقا، ومع تعرضه لبعض أنواع البديع فإنه لم يحاول وضع تعريفات ومصطلحات لها، لأن اهتمامه عند الكلام عنها كان بتقديم الأمثلة والنماذج، لا بوضع القواعد.

[ابن المعتز]

ولعل أول محاولة علمية جادة في ميدان علم البديع هي تلك المحاولة التي قام بها خليفة عباسي ولي الخلافة يوما وليلة ثم مات مقتولا وقيل مخنوقا سنة ٢٩٦ هجرية.

هذا الخليفة هو أبو العباس عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد، والمولود سنة ٢٤٧ هجرية. لقد كان شاعرا مطبوعا مقتدرا على الشعر، سهل اللفظ، جيد القريحة، حسن الإبداع للمعاني، مغرما بالبديع في شعره، وبالإضافة إلى ذلك كان أديبا بليغا مخالطا للعلماء، والأدباء معدودا من جملتهم، وله بضعة عشر مؤلفا في فنون شتى وصل إلينا منها: ديوانه، وطبقات الشعراء، وكتاب البديع.


(١) البيان والتبيين ج ٤ ص ٥٥.

<<  <   >  >>