للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علم البيان وتطوره» على ملخص آرائهم وأقوالهم في الكناية، ولهذا فلا داعي لتكرارها هنا وليرجع إليها هناك.

[أقسام الكناية]

ذكرنا فيما سبق أنّ الكناية في عرف اللغة أن تتكلم بشيء وتريد غيره، ويقال: كنيت بكذا عن كذا إذا تركت التصريح به. كما ذكرنا أنها في اصطلاح علماء البيان: لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى، أي المعنى الحقيقي للفظ الكناية (١).

وقد عبّر الإمام عبد القاهر الجرجاني عن هذا المعنى الاصطلاحي بصورة أخرى فقال: «الكناية أن يريد المتكلم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة، ولكن يجيء إلى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومي إليه ويجعله دليلا عليه، مثال ذلك قولهم: «هو طويل النجاد» يريدون طول القامة، «وكثير رماد القدر» يعنون كثير القرى، وفي المرأة «نؤوم الضحى» والمراد أنّها مترفة مخدومة لها من يكفيها أمرها. فقد أرادوا في هذا كله كما ترى معنى ثمّ لم يذكروه بلفظه الخاص به، ولكنهم توصلوا إليه بذكر معنى آخر من شأنه أن يردفه في الوجود، وأن يكون إذا كان. أفلا ترى أنّ القامة إذا طالت طال النجاد، وإذا كثر القرى كثر رماد القدر، وإذا كانت المرأة مترفة لها من يكفيها أمرها ردف ذلك أن تنام إلى الضحى؟ (٢).

كذلك عبر ابن الأثير عن معناها الاصطلاحي بصورة ثالثة ومثل لها


(١) كتاب التلخيص ص ٣٣٨.
(٢) كتاب دلائل الإعجاز ص ٤٤.

<<  <   >  >>