للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفم». ومن هنا قيل إن الإنشاء الطلبي هو ما يتأخر وجود معناه عن وجود لفظه، أو هو ما يسبق وجود لفظه على وجود معناه.

أما الإنشاء غير الطلبي فهو ما يقترن فيه الوجودان، بمعنى أن يتحقق وجود معناه في الوقت الذي يتحقق فيه وجود لفظه، أي في الوقت الذي يتم اللفظ به. فإذا قال شخص لآخر زوجتك ابنتي، فقال الآخر: «قبلت هذا الزواج» فإن معنى الزواج أو وجوده يتحقق في وقت التلفظ بكلمة القبول.

والإنشاء غير الطلبي ليس من مباحث علم المعاني، وذلك لقلة الأغراض البلاغية التي تتعلق به من ناحية، ولأن أكثر أنواعه في الأصل أخبار نقلت إلى معنى الإنشاء من ناحية أخرى.

أما الإنشاء الذي هو موضع اهتمام البلاغيين، لاختصاصه بكثير من الدلالات البلاغية فهو «الإنشاء الطلبيّ» والذي ننتقل الآن لدراسته بشيء من التفصيل.

...

[الإنشاء الطلبي]

عرفنا مما سبق أن الإنشاء قسيم الخبر، وإذا كان الخبر هو كل كلام يحتمل الصدق والكذب، فإن الإنشاء على عكسه هو ما لا يحتمل الصدق والكذب من الكلام.

وعلى حد تعريف البلاغيين هو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل في وقت الطلب، أو هو كما يقولون بعبارة أخرى: ما يتأخر وجود معناه عن وجود لفظه.

وأهم أنواع الإنشاء الطلبيّ، كما ذكرنا آنفا، خمسة: «الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والنداء». نقول ذلك لأن من أنواع الإنشاء الطلبيّ أيضا «العرض والتحضيض (١)»، ولكن الأنواع الخمسة الأولى أكثر


(١) «العرض» بفتح العين وسكون الراء، وأداته «ألا» بتخفيف اللام، و «التحضيض» أداته =

<<  <   >  >>