للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا القوم قالوا: من فتى لعظيمة؟ ... فما كلهم يدعى ولكنه الفتى

إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنني ... دعيت، فلم أكسل ولم أتبلّد

[٦ - التحقير]

عند ما يخرج الاستفهام عن معناه الأصلي للدلالة على ضآلة المسؤول عنه وصغر شأنه مع معرفة المتكلم أو السائل به، نحو «من هذا؟». والعلاقة أن المحتقر من شأنه أن يجهل لعدم الاهتمام به فيسأل عنه والاحتقار فيه إظهار حقارة المخاطب وإظهار اعتقاد صغره، ولذلك يصح في غير العاقل نحو: «ما هذا؟»، أي هو شيء حقير قليل.

ومما ورد منه في القرآن قوله تعالى على لسان الكفار: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا؟، ومن أمثلته شعرا:

فدع الوعيد فما الوعيد بضائري ... أطنين أجنحة الذباب يطير؟

أتظن أنك للمعالي كاسب ... وخبيّ أمرك شرّة وشنار؟ (١)

من أية الطرق يأتي مثلك الكرم؟ ... أين المحاجم يا كافور والجلم؟ (٢)

أيشتمنا عبد الأراقم ضلّة؟ ... فماذا الذي تجدي عليك الأراقم (٣)

[٧ - الاستبطاء]

وهو عدّ الشيء بطيئا في زمن انتظاره وقد يكون محبوبا منتظرا، ولهذا يخرج الاستفهام فيه عن معناه الأصلي للدلالة على بعد زمن الإجابة عن بعد زمن السؤال، وهذا البعد يستلزم الاستبطاء، نحو قولك لمخاطب دعوته فأبطأ في الاستجابة لك: «كم دعوتك؟» فليس المراد هنا الاستفهام عن عدد مرات الدعوة أو النداء، وإنما المراد أنّ تكرر الدعوة قد باعد بين زمن الإجابة وزمن السؤال، وفي ذلك إبطاء، ولهذا جاء


(١) الشرة بكسر الشين: الشر والحدة والحرص، والشنار بفتح الشين: أقبح العيب.
(٢) المحاجم: جمع محجمة بكسر الميم وهي الوعاء الذي يجمع فيه دم الحجامة عند المص، والجلم: أحد شقي المشرط. قيل إن كافورا كان عبدا لحجام بمصر ثم اشتراه الإخشيد.
(٣) الأراقم: حي من تغلب، وعبد الأراقم: كناية عن الأخطل، والضلة بكسر الضاد: ضد الهدى.

<<  <   >  >>