للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٣ - مظاهره]

كثر وروده في القرآن الكريم، وهذه بعض أمثلته:

١ - قال تعالى: وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ يونس: ١٩. فإذا وقفت على قوله تعالى: «فِيما فِيهِ» عرف السامع أن بعده «يختلفون» لما تقدم من الدلالة عليه.

٢ - وقال تعالى: إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ يونس: ٢١.

فإذا وقف القارئ على (يَكْتُبُونَ) عرف السامع أن بعده «ما تَمْكُرُونَ» لما تقدّم من ذكر المكر.

وممّا جاء منه في الشعر قول الراعي النميري (الوافر):

وإن وزن الحصى فوزنت قومي ... وجدت حصى ضريبتهم رزينا

فإذا سمع الإنسان أوّل هذا البيت، وقد تقدّمت عنده قافية القصيدة، استخرج لفظ قافيته كما يقول العسكري؛ وذلك لأنّه عرف أنّ قوله «وزن الحصى» سيأتي بعده «رزين» لعلّتين هما:

١ - إن قافية القصيدة توحيه.

٢ - إن نظام البيت يقتضيه، لأنّ الذي يفاخر برجاحة الحصى ينبغي أن يصفه بالرّزانة.

ومن عجيب هذا الباب قول البحتري (الطويل):

فليس الذي حلّلته بمحلّل ... وليس الذي حرّمته بحرام.

وذلك أن من سمع صدر البيت عرف عجزه بكامله. ومنه أيضا (الطويل):

فأمّا الذي يحصيهم فمكثّر ... وأمّا الذي يطريهم فمقلّل

فصدر البيت يجعلنا قادرين على رصد عجزه، والتنبؤ به قبل لفظه.

<<  <   >  >>