للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهناك تشابيه يخترعها العقل وليس لها كيان خارجي سمّاها البلاغيون بالتشابيه الوهمية. وهي ما لا يدرك بإحدى الحواس، ولكنّه لو وجد فأدرك، لكان مدركا بها. ومثالها، قوله تعالى في شجرة الزقّوم التي تخرج في أصل الجحيم طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ الصافات: ٦٥. فالشياطين ليس لها وجود خارجي محسوس، بل هي من عالم الغيب؛ لذلك فرؤوسها غير معروفة إلّا ما أخبرت به الشريعة، لكنها لو وجدت فأدركت لكان ادراكها عن طريق حاسة البصر. وكذلك القول في ما قاله امرؤ القيس:

أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال

فالغول وأنيابها مما لا يدرك باحدى الحواس، ولكنها لو أدركت لكان ادراكها من طريق حاسة البصر.

وأعلم أن الوهمّي لا وجود لهيئته ولا لجميع مادّته، والخيالي جميع مادّته موجودة دون هيئة.

٣ - الطّرفان المختلفان:

وهما اللذان يتكوّنان من مشبّه حسّي ومشبّه به عقلي، أو العكس.

[أ- تشبيه المعقول بالمحسوس]

ومثاله قوله تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً البقرة: ١٧١.

فالكفر شيء عقلي، والمشبّه به الناعق الذي يصوّت للأغنام حسّي.

<<  <   >  >>