للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من غير حاجة الى علاقة أو قرينة، وذلك كاستعمال القمر للكوكب المعروف لا للوجه المشرق مثلا».

وعرّفها الخطيب القزويني (١) بقوله: «هي الكلمة المستعملة في ما وضعت له في اصطلاح التخاطب».

[مثال توضيحي للحقيقة والمجاز]

قال المتنبّي وقد نظر الى السّحاب (الوافر):

تعرض لي السّحاب وقد قفلنا ... فقلت اليك إنّ معي السحابا

فشم في القبّة الملك المرجّي ... فأمسك بعدما عزم انسكابا

قال العكبري (٢) في شرح هذين البيتين: «يريد أن السحاب أمسك عن الانسكاب لئلا يخجل من وجوده لتقصيره عنه».

لقد ورد لفظ السّحاب مرتين في البيت الأول. وهو مستخدم بمعناه الحقيقي في الصدر، وبمعناه المجازي في العجز لأنّ المقصود به الممدوح الكريم. وهذا مجاز لأن اللفظ استخدم في غير ما وضع له في الاصطلاح، والقرينة تكمن في المشابهة، إذ السحاب يجود بالمطر والكريم يجود بالمال، وفي أحاديث الناس اليومية ما يشبه ذلك.

لهذا نفى بعض البلاغيين وجود مجاز في القرآن الكريم، وردّ عليهم ابن قتيبة بقوله (٣): «إنّ المجاز شائع في كلام العرب، ولو كان المجاز كذبا، وكل فعل ينسب الى غير الحيوان باطلا لكان أكثر كلامنا فاسدا».


(١). الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص ٣٩٢.
(٢). شرح ديوان المتنبي، العكبري، ١/ ١٤٦.
(٣). تأويل مشكل القرآن، ابن قتيبة، دار الكتب المصرية، ص ١١.

<<  <   >  >>