للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وجدنا في شرح هذا التعريف ما يمكن عدّه ردّا على تعريف ابن المقفّع. قال العسكري (١) «ومن قال: إن البلاغة إنما هي إفهام المعنى فقط، فقد جعل الفصاحة واللكنة والخطأ والصواب والإغلاق والإبانة سواء».

وإذا كان العسكري قد وقف الفصل الثاني لتعريفه الشخصي للبلاغة، فإنه قد جعل الفصل الثالث لتفسير ما جاء عن الحكماء والعلماء في حدود البلاغة. ثم وضع شروط اجتماع آلة البلاغة، وهي في ظنّه (٢) «جودة القريحة وطلاقة اللسان» ومن تمام آلات البلاغة ما يأتي (٣):

«التوسّع في معرفة العربية، ووجوه الاستعمال لها؛ والعلم بفاخر الألفاظ وساقطها، ومتخيّرها، ورديئها، ومعرفة المقامات، وما يصلح في كل واحد منها من الكلام» وقد شرح هذا القول بإسهاب فيما بعده من كلام متوقّفا عند الجزئيّات ليبسط فيها القول.

[١ - ٣ - ٥ - مفهوم عبد القاهر الجرجاني (ت ٤٧١ هـ) للبلاغة]

عقد الجرجاني في دلائل الإعجاز فصلا بعنوان (٤): «في تحقيق القول على البلاغة والفصاحة، والبيان والبراعة، وكل ما شاكل ذلك» مبيّنا فيه أن «لا معنى لهذه العبارات وسائر ما يجري مجراها ممّا يفرد فيه اللفظ بالنعت والصفة، وينسب فيه الفضل والمزيّة إليه دون المعنى غير وصف الكلام بحسن الدّلالة، وتمامها فيما له كانت دلالة، ثم تبرّجها في صورة هي أبهى وأزين، وآنق وأعجب، وأحقّ بأن تستولي على هوى النفس، وتنال الحظ الأوفر من ميل القلوب، وأولى بأن تطلق


(١). م. س. ص ١٦.
(٢). م. س. ص ٢٦.
(٣). م. س. ص ٢٧.
(٤). الجرجاني، دلائل الإعجاز، دار المعرفة، ص ٣٥.

<<  <   >  >>