للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمس، وقد استدل به الجمهور في الرد على قول أبي حنيفة بوجوب الوتر.

قال ابن حزم: «ولولا البرهان الذي ذكرنا قبل بأن لا فرض إلا الخمس، لكانت هاتان الركعتان فرضًا، ولكنهما في غاية التأكيد، لا شيء من السنن أوكد منهما» (١).

وسوف أسوق حديث طلحة بإسناده ولفظه في أدلة القول الثاني، ومناقشة سلامة الاستدلال به إن شاء الله تعالى.

الدليل الثاني على الوجوب:

(ح-١٠٩١) ما رواه البخاري ومسلم من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار،

عن جابر بن عبد الله، قال: جاء رجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: أصليت يا فلان؟ قال: لا، قال: قم فاركع ركعتين (٢).

(ح-١٠٩٢) وروى البخاري ومسلم من طريق عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب،

أن أبا هريرة، أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت (٣).

فإذا منع المصلي لحرمة الخطبة عن الاشتغال عنها، ولو بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ثم أمر بتحية المسجد والإمام يخطب حتى قطع النبي صلى الله عليه وسلم خطبته لأجل سؤاله وأمره بالصلاة، فلا يترك واجب الاستماع والإنصات إلا لما هو أوجب منه.

• ويناقش هذا الاستدلال:

بأننا لا نسلم أن الإنصات كان واجبًا على الداخل لصلاة الجمعة قبل صلاته تحية المسجد، فالأمر بوجوب الإنصات للخطبة عام، خص منه الداخل حتى يصلي تحية المسجد، وإذا خص من الوجوب لم يَبْقَ واجبًا.

بيان ذلك أَنْ نسأل: متى يجب على المصلي سماع الخطبة، أيجب بمجرد


(١). المحلى (٣/ ٢٧٧).
(٢). صحيح البخاري (٩٣٠)، وصحيح مسلم (٥٤ - ٨٧٥).
(٣). صحيح البخاري (٩٣٤)، وصحيح مسلم (١١ - ٨٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>