للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسانيدها تدور على مجاهيل ومناكير وغرائب وأفراد، وتفرد مثل هؤلاء بالحديث لا يزيده إلا ضعفًا، فكيف إذا انضم إلى ذلك موافقة منطوق حديث عمرو بن عبسة لمفهوم الأحاديث المتواترة والتي تقول: لا صلاة بعد صلاة الصبح، فإن مفهومها أن الصلاة قبل صلاة الصبح مأذون فيها، والله أعلم، كما أن منطوق حديث عمرو بن عبسة موافق لمنطوق حديث عبد الله بن مغفل: بين كل أذانين صلاة، وهو في الصحيحين (١).

الوجه الثالث:

أن وقت النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر معلق على فعل الصلاة لا على الوقت؛ ولهذا كان الوقت وقتًا للفريضة ولو ضاق الوقت عن فعلها، لحديث من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ولأن الحكمة من النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر أن الكفار يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، وهذا لا يكون من طلوع الفجر، ولم يعلل النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر؛ لأن النهي عنه سدٌّ لذريعة الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، فلو فتح الباب للتطوع بعد صلاة الصبح لم يؤمن التمادي فيها إلى حين طلوع الشمس وغروبها، فالمقصود بالنهي أصالةً هو وقت الطلوع والغروب لما في السجود حينئذٍ من مشابهة سجود الكفار في الصورة، وهذا لا يصدق على الوقت ما قبل صلاة الصبح والعصر، ولقوله عليه الصلاة والسلام: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها (٢).

(ح-١١٠٩) وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن نافع،

كان ابن عمر يقول: أما أنا فإني أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، وأما أنا فلا أنهى أحدًا أن يصلي ليلًا أو نهارًا لا يتحرَّى طلوع الشمس ولا غروبها،


(١). رواه البخاري (٦٢٧) ومسلم (٣٠٤ - ٨٣٨) من طريق كهمس بن الحسن،.
ورواه البخاري (٦٢٤) ومسلم (٨٣٨) من طريق الجريري، كلاهما (كهمس، والجريري) عن عبد الله بن بريدة به.
(٢). انظر: الاستذكار (١/ ١١٣)، التمهيد (١٣/ ٣١)، التوضيح لخليل (١/ ٢٨٣)، جامع العلوم والحكم (١/ ٢٠٩)، فتح الباري لابن رجب (٥/ ٥٢)، طرح التثريب (٢/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>