للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن الحديث لو صح ليس فيه أنه لم يكن ركعهما.

الوجه الثالث: لو سلمنا صحة الخبر، وأنه لم يكن ركع لكان ممكنًا أن يكون قبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم من جاء، والإمام يخطب بالركوع، وممكنًا أن يكون بعده، ومع عدم القطع لا يكون لهم فيه حجة، ولا عليهم.

الوجه الرابع: أنه لو صح الخبر، وصح فيه أنه لم يكن ركع، وصح أن ذلك كان بعد أمره عليه السلام من جاء والإمام يخطب بأن يركع، وكل ذلك لا يصح منه شيء، لما كانت لهم فيه حجة، لأننا لم نقل: إنهما فرض، وإنما قلنا: إنهما سنة يكره تركها، وليس فيه نهي عن صلاتهما، فبطل تعلقهم بهذا الخبر جملة وتفصيلًا (١).

وكلام ابن حزم متين، ويضاف إليه أن ظاهر حديث معاوية بن صالح، معارض لحديث عمرو بن دينار، وأبي الزبير، عن جابر، والأول في الصحيحين، والثاني في صحيح مسلم، حيث أقام النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بعد أن جلس ليصلي تحية المسجد، فلا يترك الصريح البين لحديث يتطرق له جملة من الاحتمالات، أقلها أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالجلوس أراد به منعه من تخطي الرقاب، ولم يرد به إسقاط تحية المسجد، ولم يذكرها لكونها معلومة لهم، فاستغنى بعلمهم لها عن ذكرها، والله أعلم.

* * *


(١). انظر المحلى (٣/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>