للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يسلَّم بصحة ما ذكره حفيد ابن رشد: أن من فوَّت الركعة الأولى اختيارًا مع القدرة على تحصيلها فقد فوَّت فضل الجماعة، فالجماعة على الصحيح تدرك بإدراك ركعة مطلقًا، والعذر يرفع الإثم بخلاف المفرط، فإنه مستحق للإثم، وإنْ أدرك فضل الجماعة، والله أعلم (١).

جاء في حاشية الدسوقي نقلًا عن الأَقْفَهْسِيِّ: أن ظاهر الرسالة حصول الفضل -يعني وإن ترك الركعة الأولى بلا عذر- وأنه ينظر: هل ما قاله الحفيد موافق للمذهب أو لا، واللَّقَانيُّ كما في خش (حاشيته على الخرشي) قال: إن كلام الحفيد مخالف لظاهر الروايات اهـ نقلًا من مج (محمد الأمير) (٢).

• دليل من قال: إذا خشي فوات الجماعة قطعها:

أصحاب هذا القول يرون أن الحكمة في النهي عن إتمام النافلة بعد إقامة الصلاة من أجل تحصيل فضل الجماعة، لهذا رأوا أنه إن أمكنه تحصيل فضل الجماعة فإنه يتم النافلة على اختلافهم فيما تدرك به الجماعة، فمنهم من قال: تدرك بإدراك ركعة قياسًا على إدراك الوقت والجمعة، وعليه يذهب إلى أنه إن خشي أن يدرك من الجماعة أقل من ركعة قطعها، وإلا أتمها، ومن قال تدرك بإدراك جزء من التشهد قبل سلام الإمام راعى ذلك أيضًا، وجوَّز التمادي في النافلة إن غلب على ظنه إدراك الإمام قبل السلام؛ لإحرازه الفضيلتين فضيلة الجماعة وإتمام النافلة.

• ونوقش هذا بما نوقشت به الأقوال السابقة:

وأن حديث: (فلا صلاة إلا المكتوبة) عام، يشمل من يدرك فضيلة الجماعة وغيره، وتخصيص النهي في الحديث بمن تفوته الجماعة تخصيص له بلا مخصص.

بل الأظهر أن النفي من أجل متابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه، كما في


(١). جاء في الفواكه الدواني (١/ ٢٠٧): «ظاهره أيضًا حصول الفضل، ولو فاتته بقية الصلاة مع الإمام اختيارًا خلافًا لتقييد حفيد ابن رشد بما إذا فاته باقي الصلاة اضطرارًا، ويدل لما قلناه أن إدراك ركعة من الاختياري بمنزلة إدراك جميع الصلاة في نفي الإثم، ولو أخر اختيارًا، وأيضًا لم يقل أحد: إن من فاته بعض الصلاة مع الإمام اختيارًا يعيد لتحصيل فضل الجماعة هذا ما ظهر لنا».
(٢). حاشية الدسوقي (١/ ٣٢٠)، وانظر ضوء الشموع شرح المجموع (١/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>