للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة فلا صلاة ... ومن بقي عليه أقل من ركعة كالسجود والتحيات فإنه يتمها، ولو أقيمت الصلاة؛ لأن مقدار ما يصليه بعد إقامة الصلاة لا يصدق عليه أنه صلاة، لو استقل، فكأنه ما صلَّى (١).

وقد يستدل للشيخ ابن باز عليه رحمة الله بأن الأكثر يعطى حكم الكل، وهي قاعدة أغلبية في الشريعة.

• ويناقش:

هذا القول فيه قوة إن كان محفوظًا، إلا أنه يشترط ألا يفوته من الفريضة ما هو واجب لها كإدراك الفاتحة في الركعة الأولى، فإن في إدراكها إدراكًا لها وإدراكًا للقيام وكلاهما واجبان للصلاة لمن أدركهما، وسقوطهما عن المسبوق ليس مسوغًا لسقوطهما عن القادر على إدراك ذلك، واشتغاله بالنفل ليس عذرًا وقد نهي عنه.

كما أن إعطاء الكثير حكم الكل يشترط فيه ألا يوجد نص في المنع منه، فقوله: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة)، نفي بمعنى النهي، ولم يقيد ذلك بشرط أن يكون قد صلى أكثر النفل، والله أعلم.

• الراجح:

في الترجيح في هذه المسألة ينبغي ألا يغيب عن طالب العلم القواعد الأصولية التي يمكن أن يتمسك بها وهو يرجح أحد الأقوال، فمن هذه القواعد:

أن النهي في النافلة إذا أقيمت الصلاة مطلق، يشمل ابتداء النفل ويشمل إتمامه، فمن خص النهي بابتداء النفل فقد خص العام في قوله: (فلا صلاة) وقيد النهي في قوله: (آلصبح أربعًا)؟ بلا مخصص، ولا مقيد، والنصوص الشرعية لا يخصصها إلا نص من الشارع، أو إجماع.

ومنها: أن تقييد النهي بما إذا خشي أن تفوته الركعة الأولى، أو إذا خشي أن يفوته فضل الجماعة، أو تخصيص النهي بمن صلى قدرًا يسيرًا لم يبلغ ركعة كاملة، أو بمن بقي عليه من النافلة ركعة فأكثر، كل ذلك تقييد للنصوص الشرعية بكلام المجتهدين، وكلام المجتهد لا يخصص النص الشرعي، بل إن اختلافهم على هذا


(١). فتاوى نور على الدرب عناية الشويعر (١٢/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>