للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثالث:

حكي الإجماع على أن تسوية الصفوف مستحبة (١).

وناقش دعوى الإجماع ابن مفلح، وابن حجر، مما يدل على ثبوت حكاية الإجماع.

قال ابن مفلح في الفروع: «ومن ذكر الإجماع على أنه مستحب فمراده ثبوت استحبابه، لا نفي وجوبه» (٢).

وقد يسلم هذا التأويل لو كان هناك من ينازع في ثبوت القول بالاستحباب، فيرد عليه بأنه مجمع على ثبوته، أما وهو قول عامة الفقهاء، ومنهم الأئمة الأربعة، بل لم يُحْكَ غيرُه في القرون المفضلة لم تكن هناك حاجة إلى هذه الطريقة لإثبات القول بالاستحباب.

وقال الحافظ في الفتح: «نازع -يعني ابن حزم- من ادعى الإجماع على عدم الوجوب بما صح عن عمر أنه ضرب قدم أبي عثمان النهدي لإقامة الصف، وبما صح عن سويد بن غفلة، قال: كان بلال يسوي مناكبنا، ويضرب أقدامنا في الصلاة، فقال: ما كان عمر وبلال يضربان أحدًا على ترك غير الواجب» (٣).

وقد رجعت إلى كتاب ابن حزم، فوجدته قد ذكر هذا الكلام في معرض استدلاله لقوله، لا في معرض حكاية الإجماع وردها بتلك الآثار، فلعل ابن حجر أخذه من كون ابن حزم حين أثبت وجود القول بالوجوب وذلك من فهمه لضرب عمر وبلال رضي الله عنهما أقدام من لم يسو الصف لزم منه خرق دعوى من حكى الإجماع، وأثر عمر وبلال سوف أذكرهما إن شاء الله تعالى في أدلة القول الثاني، وأناقش ثبوتهما، ودلالتهما على إثبات القول بالوجوب.

• دليل من قال: التسوية واجبة:

الدليل الأول:

(ح-١١٧٠) ما رواه مسلم من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث،


(١). فيض القدير شرح الجامع الصغير (٢/ ٧٦).
(٢). الفروع (٢/ ١٦٣).
(٣). فتح الباري (٢/ ٢١٠)، وانظر المحلى بالآثار (٢/ ٣٧٩)، عون المعبود (٢/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>