للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له نزله من الجنة كلما غدا أو راح (١).

وكونه يثاب على المشي لا يجعله عبادة مقصودة.

(ح-١٠٦١) فقد روى البخاري من طريق عبد الله (بن المبارك)، أخبرنا حميد.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة، فقال: إن بالمدينة أقوامًا، ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة، قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر (٢).

فهل السير للجهاد مقصود لذاته، لكون المجاهد يثاب على سعيه إليه.

الجواب الرابع:

أن إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله هذا جاء بعد أن سأله عن الباعث إلى ذلك، كما في المسند، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما أردت بقولك ما يسرني أن منزلي أو داري إلى جنب المسجد؟ قال: أردت أن يكتب إقبالي إذا أقبلت، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعطاك الله ذلك كله.

فإذا كان المباح إذا قصد به قربة تحول إلى قربة وأثيب على نيته، فما ظنك في وسائل الطاعة إذا نوى بها القربة، ولا يعني هذا تفضيل البعد على القرب، ولا كون المشي يتحول إلى عبادة مقصودة في ذاته، فالثواب أوسع من كون الفعل مطلوبًا أم لا.

(ح-١٠٦٢) فقد روى البخاري من حديث عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال: أخبروه أن الله يحبه (٣).

فأثيب على هذه النية، وإن كانت فعله من قبيل المباح، لا من قبيل المطلوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذه الصفة، ولم يرغب في فعلها مع كمال محبته لصفة الرحمن.

الدليل الثالث:

(ح-١٠٦٣) ومنها ما رواه البخاري ومسلم من طريق الأعمش، قال: سمعت


(١). صحيح البخاري (٦٦٢)، وصحيح مسلم (٦٦٩).
(٢). صحيح البخاري (٤٤٢٣).
(٣). صحيح البخاري (٧٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>