للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

ظاهر الأثر أن هذا عمل الصحابة، أو عمل كثير منهم، فيؤخذ منه استحباب مقاربة الخطا لتكثير الحسنات.

• دليل من قال: لا تستحب مقاربة الخطا:

(ح-١٠٧٢) ما رواه البخاري ومسلم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة،

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (١).

وجه الاستدلال:

اشتمل الحديث على الأمر بالمشي، وعلى بيان صفته، وذلك بالنهي عن السرعة، ولزوم السكينة والوقار، فأين مقاربة الخطا من هذا الحديث الذي سيق لبيان صفة المشي إلى الصلاة فلو كان مشروعًا لجاء التأكيد على لزومه.

والأجر على الخطا في الذهاب إلى الصلاة لم يُسَقْ في بيان صفة المشي حتى يفهم منه مشروعية مقاربة الخطا، وإنما ذكر الحديث في معرض ثواب الخطا إلى الصلاة، فمن أراد أن يأخذ صفة المشي إلى الصلاة فليأخذ ذلك من الأحاديث التي سيقت لبيان صفة المشي، وليس من أحاديث ثواب المشي، ولهذا أخطأ الحنفية عندما عارضوا الأحاديث الصريحة في ابتداء وقت العصر من القول بالمثل إلى القول بالمثلين استدلالًا بالحديث الذي ضرب فيه المثل في تفاوت الثواب بين اليهود، والنصارى والمسلمين برجل استأجر أجيرًا، فعمل اليهود إلى الظهر بقيراط، ثم انقطعوا، ثم عمل النصارى إلى العصر بقيراط، ثم انقطعوا، ثم عمل المسلمون إلى المغرب فأخذوا قيراطين، وأتموا العمل، فاحتج اليهود والنصارى فقالوا: عملوا أَقَلُّ، وأخذوا أكثر منا، فالحنفية التقطوا من الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم (عملوا أقل منا) على أن العصر أَقَلُّ وقتًا من الظهر، وتركوا صريح أحاديث التوقيت، والتي تنص على


(١). صحيح البخاري (٦٣٦)،.

<<  <  ج: ص:  >  >>