للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب

المُبدل

ذهب ابن قتيبة في هذا الباب مذهب أهل اللغة، فجميع ما ذكره فيه من المبدل. وذلك غير صحيح على مقاييس النحويين، لأن البدل عندهم لايصح إلا في الحروف التي بينها تجاور في المخارج، أو تناسب في بعض الأحوال، وما مثل أشرت العودونشرته ووشرته، وجاحفت عنه وجاحشت، ولبج به، ولبط به، فلا يرونه بدلا، وإنما هي ألفاظ تتقارب صيغها ومبانيها، وتتدانى أغراضها ومعانيها، فيتوهم المتوهم أن أحدهما بدل من الآخر، ولو كان هذا التوهم صحيحا، لجاز لقائل أن يقول: إن الراء في سبطر ودمثر زائدة، لأنهم قد قالوا: سبط ودمرث، وهما مساويان لهما في المعنى ومقاربان في الصيغة والمبنى. وكذا كان ينبغي أن يقال: إن اللام في ازلغب الفرخ زائدة لقولهم في معناه زغب، وهذا يوجب أن يكون وزن سبطر ودمثر (فعلوا) ووزن ازلغب افلعل، وهذه أمثلة مرفوضة غير متناسبة.

وقد جمع النحويون حروف البدل، وحصروها، وعددها عندهم اثنا عشر حرفاً يجمعها قولنا: إن طال وجدى همت، وجمعها أبو علي البغدادي في قول: طال يوم أنجدته، كما جمعوا الحروف التي يحكم عليها بالزيادة، فجعلوها عشرة، يجمعها قولنا: هويت السمان، وقوله: (أسلمني وتاه). وجعلوا للزيادة والإبدال مواضع مخصوصة لا تعدوها، ولا يحكمون على حرف أنه بدل من غيره، ولا زائد إلا بدليل وقياس، يعرف ذلك من أحكم صناعة التصريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>