للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقّ، وإنّما وجب نصبه لأنّه لا يصلح أن يكون بدلا ولا صفة، لامتناع تقدّم البدل على المبدل منه، وتقدّم الصفة على الموصوف (١).

وكذلك يجب نصب المستثنى المنقطع على الأكثر (٢) نحو: ما جاءني أحد إلّا حمارا في لغة أهل الحجاز، لأنّ بني تميم لا يوجبون نصبه، وعلى لغة بني تميم قول الشّاعر: (٣)

وبلدة ليس بها أنيس ... إلّا اليعافير وإلّا العيس

فاليعافير والعيس ليست من الأنيس فهو مستثنى منقطع بعد إلّا مع رفعه على البدل، وقد أجابوا عن هذا البيت بأنّ المراد بالأنيس ما يؤانس ويلازم المكان فهو أعمّ من الإنسان، واليعافير والعيس بدل من الأنيس بدل البعض من الكلّ فلا يكون مستثنى منقطعا، وإنّما أوجب أهل الحجاز نصب المستثنى المنقطع لامتناع البدل فيه، وليكون مخالفا للمستثنى منه في الإعراب كما خالفه في الحكم والنّوع (٤).

وكذلك يجب نصب المستثنى بعد خلا وعدا عند الأكثرين (٥) نحو: جاءني القوم عدا زيدا أي عدا بعضهم زيدا، وخلا بعضهم زيدا بمعنى جاوز وجانب، وقال بعضهم: (٦) إنّهما حرفا جرّ فيكون ما بعدهما مخفوضا، والنّصب

بخلا وعدا هو المشهور.

ويجب نصب المستثنى بعد ليس وما عدا وما خلا ولا يكون، لأنّ ما مصدريّة


-
وما لي إلا مذهب الحقّ مذهب.
(١) الإنصاف، ١/ ٢٧٥ وشرح التصريح، ١/ ٣٥٥.
(٢) شرح المفصل، ٢/ ٨٠.
(٣) الرجز لعامر بن الحارث (جران العود) ورد في ديوانه، ٥٢ وروايته:
بسابسا ليس به أنيس ... إلّا اليعافير وإلّا العيس
وروي منسوبا له في شرح الشواهد، ٢/ ١٤٧ وشرح التصريح، ١/ ٣٥٣ ومن غير نسبة في الكتاب، ١/ ٢٦٣ - ٢/ ٣٢٢، والمقتضب، ٢/ ٣١٨ - ٣٤٦، ٤/ ٤١٤، والإنصاف، ١/ ٢٧١، وشرح المفصل، ٢/ ٨٠ - ١١٧، ٧/ ٢١ - ٨/ ٥٢. اليعافير: جمع يعفور وهو ولد البقرة الوحشية والعيس: جمع عيساء وهي الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة.
(٤) شرح المفصل، ٢/ ٨٠.
(٥) تسهيل الفوائد، ١٠٥ وشرح الأشموني، ٢/ ١٦٢.
(٦) كالأخفش والفراء، الهمع، ١/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>