للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتيهاء قفر والمطيّ كأنّها ... قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها

أي صارت، لأنّ البيض لا يكون فراخا (١)، بل الفراخ كانت (٢) بيضا، وكان الناقصة لا مصدر لها (٣) لأنّ الفعل إنّما يتعدّى إلى ما كان فيه دلالة عليه، وليس في كان الناقصة دلالة على المصدر، فلا يصحّ أن يكون منصوبا بها فإن اقترن بها مصدر فهو منصوب بفعل آخر يدلّ عليه هذا، فلو قلت: كرهت كون زيد قائما، فهو مصدر كان التامّة، ويجوز أن تقول في التامة: كان الأمر كونا كما تقول: وقع وقوعا، ولا يجوز أن تقول في الناقصة: كان زيد قائما

كونا، فهذه معاني كان الناقصة، وأمّا التامة فتكون بمعنى حضر أو ثبت أو حدث أو وقع كقوله تعالى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ (٤) ومنه: ما شاء الله كان، أي ما شاء الله وقع، ومنه قوله تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥) أي أحدث فيحدث، ومنه: كانت الكائنة أي حدثت وحصلت.

وأمّا الزائدة فهي التي لا يختلّ أصل الكلام بإسقاطها، كقول الشّاعر: (٦)

سراة بني أبي بكر تسامى ... على كان المسوّمة العراب

وكقوله تعالى: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٧)، ونصب صبيّا على الحال، أي كيف نكلّم من في المهد صبيّا، وقيل: هي بمعنى صار (٨) كما تقدّم،


- (طبعة بولاق) ٤/ ٣١ لابن أحمر، ورواه الأشموني، من غير نسبة في شرحه، ١/ ٢٣٠. ومعنى البيت أنه شبّه سرعة المطي في الفلاة بسرعة القطا التي فارقت فراخها لتحمل إليها الماء.
(١) بعدها في شرح الوافية، ٣٦٥ إلا على معنى صارت.
(٢) في الأصل تكون. ولا يتضح المعنى بذلك.
(٣) قال ابن مالك في التسهيل، ٥٢ - ٥٣ بعد رده على القائلين بمنع دلالتها على الحدث ما نصه: «فالأصح دلالتها عليه إلا ليس» وفي المغني، ٢/ ٤٣٦ والصحيح أنها دالة عليه.
(٤) من الآية ٢٨٠ من سورة البقرة.
(٥) الآية ٨٢ من سورة يس.
(٦) البيت لم يعرف قائله، ورد في شرح المفصل، ٧/ ٩٨ - ٩٩ - ١٠٠ وشرح الكافية، ٢/ ٢٩٣ وشرح ابن عقيل، ١/ ٢٩١ وشرح الشواهد، ١/ ٢٤١ وهمع الهوامع، ١/ ١٢٠ وشرح الأشموني، ١/ ٢٤١ المسومة: الخيل التي جعلت لها علامة ثم تركت في المرعى، العراب: هي خلاف البراذين والبخاتي.
(٧) من الآية ٢٩ من سورة مريم.
(٨) في التبيان، ٢/ ٨٧٣: وصبيا حال من الضمير في الجار، وقيل: هي بمعنى صار، وقيل: هي التامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>