للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا القسم الأول وهو إبدال الهمزة من حروف اللين إبدالا واجبا مطردا (١)، فله عدة صور

منها: وجوب إبدالها من ألف التأنيث في نحو: حمراء، وصحراء وعشراء وما أشبهها، وإنما وجب إبدال الهمزة من الألف المذكورة لأنّ الأصل كان حمرى وصحرى وعشرى بألف واحدة مقصورة مثل: حبلى وسكرى فزادوا قبلها ألفا أخرى تكثيرا لأبنية التأنيث ليصير له بناءان ممدود وهو باب حمراء، ومقصور وهو باب حبلى، فالتقى في آخر الكلمة ساكنان الألف الأولى المزيدة للمدّ والألف الثانية التي للتأنيث، ولم يجز حذف إحداهما لأنهم لو حذفوا الأولى لبطل المدّ الذي بنيت الكلمة عليه، ولو حذفوا الثانية زالت علامة التأنيث فلم يبق إلّا التحريك فلو حركت الأولى لبطل المد المقصود، لانقلابها همزة، لأنّ الألف لا تقبل التحريك وكانت الكلمة تؤول إلى القصر، فحرّكت الثانية فانقلبت همزة فصارت صحراء (٢) فهمزة صحراء وما أشبهها بدل من ألف التأنيث/ ولذلك جمعت على صحاري بانقلاب الهمزة ياء ولو كانت أصلية لثبتت الهمزة في الجمع وكان يجب أن يقال: صحارئ بالهمز.

ومنها: وجوب إبدال الهمزة من الواو أو من الياء إذا كانتا لامين كهمزة كساء ورداء لأنّ أصل كساء كساو، بواو هي لام الفعل. لأنّه من الكسوة وأصل رداء رداي بياء هي لام الفعل لأنّه من قولهم: فلان حسن الرديّة، فوقعت الواو والياء طرفا بعد ألف زائدة وكان ينبغي أن يصحّا لسكون ما قبلهما كما صحّتا في دلو وظبي، لكنهم أعلوهما لضعفهما بالتطرف (٣) ووقوعهما بعد ألف زائدة فقلبتا ألفا إمّا لعدم الاعتداد بالألف حاجزا حتّى صار حرف العلة كأنه قد ولي الفتحة التي قبل الألف وإمّا لكون الألف منزّلة منزلة الفتحة لأنّها من جوهرها فقلبوا حرف العلّة بعدها ألفا فالتقى ساكنان الألف الأولى والألف الثانية المنقلبة عن حرف العلّة، ولم يمكن حذف إحداهما لئلا

ينقلب الممدود مقصورا، فحركت الأخيرة لما تقدّم في صحراء فانقلبت


(١) المفصل، ٣٦٠.
(٢) الكتاب، ٤/ ٢١٤ والمقتضب، ٣/ ٨٤.
(٣) الكتاب، ٤/ ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>