للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دار أصلها دور فقلبت الواو ألفا فصار دار، ومثالهما لامين في الاسم عصا ورحى، والأصل عصو ورحي فقلبتا ألفا لما قلنا فصارا عصا ورحى فإذا فقد قيد من القيود المذكورة تعذّر قلبهما ألفا حينئذ ولنذكر أمثلة ذلك للإيضاح؛ فمثال الحركة غير اللازمة قولك: جيل فلا تنقلب هذه الياء ألفا وإن تحركت وانفتح ما قبلها، لأنّ حركتها غير لازمة لأنّها منقولة إليها من الهمزة المفتوحة لأنّ أصله جيأل، وكذلك حركة الواو في قوله تعالى: اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى (١) فإنها عارضة لالتقاء الساكنين والعارض كالمعدوم، ومثال ما يلزم من قبلها اللّبس: النّزوان والغليان والهذيان فإنّها لو قلبت في ذلك ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها لاجتمع ألفان ووجب حذف إحداهما فيصير اللفظ إلى نزان وغلان على وزن فعال، فيلتبس بناء فعلان بفعال، وكذلك الزيدان رميا وغزوا فلو أعلّا صارا (٢) رمى وغزا، والتبس الاثنان بالواحد، وقد حمل الحيدان والجولان على النزوان، لأنّهم لمّا صحّحوا حرف العلّة الذي هو اللّام في النزوان والغليان مع ضعفهما بتطرفهما، كان تصحيح العين في الحيدان والجولان أولى، لقوتهما بقربهما من الفاء، ومثال كونهما في معنى ما يكتنفه الساكن: اجتوروا واعتونوا، لأنّه في معنى تجاوروا وتعاونوا فلا تقلب الواو هنا ألفا لأنّ ما قبلها ساكن وهو الألف وكذلك حول وعور وصيد يقال: صيد البعير إذا رفع رأسه (٣) لأنّ ذلك بمعنى أحول وأعور وأصيد، فكما لم تقلب في أحول وبابه، لم تقلب فيما هو بمعناه وشذّ صحتهما في نحو: القود والأود والخونة (٤).

وأمّا إبدال الألف منهما غير المطّرد (٥) ليكون دليلا على ما غيّر من ذلك أي الذي يؤخذ بالسّماع ولا يقاس عليه فنحو إبدال الألف من الياء في قولهم: طائيّ نسبة إلى طيّء والأصل طيئيّ (٦) فقلبوا الياء الأولى ألفا وحذفوا الثانية، وكذلك قالوا:


(١) من الآية ١٦ من سورة البقرة.
(٢) في الأصل: أعلّ صار.
(٣) إذا رفع رأسه كبرا، القاموس المحيط، صيد.
(٤) ذكر في الكتاب، ٤/ ٣٤٦ أمثلة كثيرة ثم قال: فكل هذا فيه اللغة المطردة، إلا أنا لم نسمعهم قالوا إلا استروح إليه، وأغيلت واستحوذ. وانظر شرح المفصل، ١٠/ ١٧.
(٥) المفصل، ٣٦٣.
(٦) أتى الطمس على بعض حروفها وكذا حاري الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>