للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولهذا لم أذكرها كلّها، ونقل رواية أبي نعيم والخطيب وابن عساكر: «أن رسول الله استنشد حسانا من شعر الجاهلية، فأنشده هذه القصيدة فقال النبي: يا حسان لا تنشدني مثل هذا بعد اليوم، فقال حسان: يا رسول الله، ما

يمنعني من رجل مشرك هو عند قيصر أن أذكر هجاء له، فقال رسول الله: يا حسان: إني ذكرت عند قيصر، وعنده أبو سفيان بن حرب، وعلقمة بن علاثة، فأما أبو سفيان فلم يترك فيّ، وأما علقمة فحسّن القول ..» قلت: ولم أطلع على سند القصة ولكن المرويّ فيها يخالف الصحيح الذي رواه البخاري في باب الوحي، عن أبي سفيان أنّ قيصر الروم سأل أبا سفيان عن رسول الله، فأحسن القول وكان أبو سفيان ما زال مشركا، وكان اللقاء بمناسبة وصول الكتاب النبوي إلى قيصر بعد صلح الحديبية، قلت: ولا نلتفتنّ إلى القصة فلعلها من تلفيق الرواة للطعن في أبي سفيان، وابنه معاوية، والله أعلم.

والشاهد: «سبحان» فقد زعم سيبويه، وابن يعيش وغيرهما، أنه علم واقع على معنى التسبيح ولا ينصرف، للعلمية وزيادة الألف والنون، فإذا أضيف (سبحان الله) يصير معرفة بالإضافة بعد سلب العلمية الأولى عنه كما في قولنا «زيدكم، وعمركم» وقال الرضيّ: إن ترك تنوينه لأجل بقائه على صورة المضاف لما غلب استعماله مضافا والأصل سبحان الله، فهو ليس علما.

والظاهر: أن سبحان في البيت للتعجب، و (من) داخلة على المتعجب منه، والأصل، التسبيح عند رؤية كل عجيب من خلقه، ثم كثر حتى استعمل عند كل تعجب، والمعنى:

أعجب من علقمة إذ فاخر عامرا. [كتاب سيبويه ج ١/ ١٦٣، وشرح المفصل ج ١/ ٣٧، والهمع ج ١/ ١٩٠].

٥٢٧ - كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم ... يا أشبه الناس كلّ الناس بالقمر

البيت منسوب إلى عمر بن أبي ربيعة وإلى كثيّر، و «كم» مبتدأ خبريّة، و «ذكرتك» خبره، والشاهد: «كل الناس» حيث أضيف فيه «كلّ» إلى الاسم الظاهر، والأصل أن يضاف إلى ضمير في التوكيد، ورأى ابن مالك أنه قد يخلفه الاسم الظاهر، ويرى أبو حيّان أنها هنا نعت وليس توكيدا، وردّوا قول أبي حيان بأن التي ينعت بها تدلّ على الكمال، لا على العموم، وهذه هنا تدل على العموم، والله أعلم. [الأشموني وعليه شرح العيني ج ٣/ ٧٧، والمغني وشرحه ج ٤/ ١٨٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>