للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعشّى أسالفها بالجبوب ... وتأني حلوبتها من عل

وتصبح حيث تبيت الرّعاء ... وإن ضيعوها وإن أهملوا

فعمّ لعمّكم نافع ... وطفل لطفلكم يؤمل

وقوله: «تعشّى»، أي: تتعشى من أسفل، أي: تشرب الماء. وتأني، أي: تدرك:

وفي رواية «تأتي»، يريد أنها تشرب الماء من الأرض، وتعطي الغذاء من الأعلى، وشبهها بالناقة، وجعل ثمرها يمنزلة اللبن. والرعاء: حفظة النخل، شبههم برعاة الإبل، يقول:

إذا غفل الفلاح عن النخلة، فإنها لا تهرب كما تهرب الإبل، ويستيقظ راعي النخل، فيجد النخل في مكانه، ولا يحتاجون إلى البحث عنها في القبائل. وقوله: فعمّ، أي:

النخل الكبير، يريد أن يقول: إن النخل الكبير ينتفع به كبار الناس، والصغير منه يؤمل للأطفال في مستقبل حياتهم. وللشاعر أبيات أخرى في وصف النخيل (انظر ديوانه)، قلت: ولأحمد شوقي قصيدة في وصف النخيل من وزن هذه الأبيات (المتقارب)، وفي أبيات أحمد شوقي شبهها بالشاة، (وأنتن في البيد شاة المعيل)، فهل اطلع أحمد شوقي على هذه المقطوعة الجاهلية، ولكن أحمد شوقي يزعم في قصيدته أن الشعراء لم يصفوا النخل، وأن الكتب خلت من ذكر فضائله، فإما أن يكون أحمد شوقي، قرأ قطعة أحيحة، وتأثر بها، ثم زعم أنه أتى بما لم يأت به الأوائل، وإما أن يكون جاهلا بما في كتب الأدب من شعر في وصف النخل. وقد جمعت قطعة أحيحة من المعاني - على وجازتها - ما لم يستطع أحمد شوقي جمعه في قصيدة مطولة، بل كان أحمد شوقي فاسد الذوق عند ما شبه النخيل بالمآذن (مآذن قامت هنا أو هناك)، ثم استدرك قائلا:

وليس يؤذن فيها الرجال ... ولكن تصيح عليها الغرب

فأفسد جمال الصورة بجعل الغرب تصيح عليها، والمعروف أن صياح الغراب نذير الخراب، ولو قال: «ولكن تسبّح»، لكان أجمل؛ ليخفف من وقع ذكر الغراب على نفس القارئ، بل إن البيت كله لا فائدة منه؛ لأن ما نفاه يعرفه القارئ، ولا يلتبس عليه، ولعلّ الشاعر ذكر الغربان، إيذانا بزوال ملك سادته من أسرة محمد علي باشا؛ لأنه كان يصف نخيل حدائق القصور التي يسكنها حكام مصر.

[٦٥ - فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها]

قاله عامر بن جوين الطائي. والمزنة: السحابة المثقلة بالماء. والودق: المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>