للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنما هو: " حين حين " و " لا " بمنزلة " ما " إذا ألغيت.

واعلم أنه قبيح أن تقول: " مررت برجل لا فارس " حتى تقول: لا فارس ولا شجاع، ومثل ذلك: هذا زيد لا فارسا، لا يحسن حتى تقول: لا فارسا ولا شجاعا؛ وذلك أنه جواب لمن قال أو لمن يجعله ممن قال: أبرجل شجاع مررت أم بفارس؟

ولقوله: أفارس زيدا أم شجاع؟

وقد يجوز على ضعفه في الشعر، قال رجل من بني سلول:

وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا نفع وموتك فاجع (١)

فكذلك هذه الصفات وما جعلته خبرا للأسماء نحو: زيد لا فارس ولا شجاع.

واعلم أن " لا " في الاستفهام تعمل فيما بعدها كما تعمل فيه إذا كانت في الخبر، فمن ذلك قوله وهو حسان بن ثابت الأنصاري.

ألا طعان ولا فرسان عادية ... إلا تجشّؤكم عند التنانير (٢)

وقال: في مثل: " ألا قماص بالعير؟ "

ومن قال لا غلام ولا جارية. قال: ألا غلام؟ وألا جارية؟

واعلم أن " لا " إذا كانت مع ألف الاستفهام ودخل فيها معنى التمني عملت فيما بعدها فنصبته.

ولا يحسن لها أن تعمل في هذا الموضع إلا فيما تعمل فيه في الخبر. وتسقط النون والتنوين في التمني كما سقطا في الخبر، فمن ذلك: ألا غلام لي؟ وألا ماء باردا؟

ومن قال: لا ماء بارد. قال: ألا ماء بارد؟ ومن ذلك: ألا أبا لي؟ وألا غلام لي؟

وتقول: ألا غلامين وجاريتين لك كما تقول: لا غلامين وجاريتين لك.

وتقول ألا ماء ولبنا؟ كما قلت: لا غلام وجارية لك تجريها مجرى " لا " ناصبة في جميع ما ذكرت لك.

وسألت الخليل عن قوله:

ألا رجلا جزاه الله خيرا ... يدلّ على محصّلة تبيت (٣)


(١) البيت في ابن يعيش ٢/ ١١٢، والأشموني ٢/ ١٨.
(٢) البيت في ديوانه ٢١٥، والمغني ١/ ٦٨.
(٣) قائل البيت عمرو بن قعاص، انظر: نوادر أبي زيد ٥٦، وابن يعيش ٧/ ٥، و ٩/ ٨٠، الأشموني ٢/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>