للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضا:

لو كان غيري سليمى اليوم غيره ... وقع الحوادث إلا الصارم الذّكر (١)

كأنه قال: لو كان غيري غير الصارم الذكر لغيره وقع الحوادث إذا جعلت غيرا الآخرة صفة للأولى.

والمعنى: أنه أراد أن يخبر أن الصارم الذكر لا يغيره شيء، وإذا قلت:

ما أتاني أحد إلا زيد فأنت بالخيار، إن شئت جعلت (إلا زيدا) بدلا. وإن شئت جعلته صفة. ولا يجوز أن تقول: ما أتاني إلا زيد.

وأنت تريد أن تجعل الكلام بمنزلة (مثل) إنما يجوز ذلك صفة.

ونظير ذلك من كلام العرب (أجمعون) لا يجري في الكلام إلا على اسم. ولا يعمل فيه ناصب ولا جار ولا رافع.

وقال عمرو بن معديكرب:

وكلّ أخ مفارقه أخوه ... لعمرو أبيك إلّا الفرقدان (٢)

كأنه قال: وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه. إذا وضعت به (كلا). كما قال الشماخ:

وكلّ خليل غير هاضم نفسه ... لوصل خليل صارم أو معارز (٣)

ولا يجوز رفع (زيد) على (ألا أن يكون) لأنك لا تضمر الاسم الذي هذا من تمامه؛ لأن (أن) يكون بعض اسمه.

قال أبو سعيد: لا يكون في (لو) بدل بعد (إلا) لأنها في حكم اللفظ تجري مجرى الموجب. وذلك أنها شرط بمنزلة (أن) ولو قلت: (أن أتاني رجل إلا زيد خرجت) لم يجز؛ لأنه يصير في التقدير: أن أتاني إلا زيد خرجت. كما لا يجوز: أتاني إلا زيد. فهذا وجه من الفساد فيه.

وفيه وجه آخر من فساده: أنه إذا قال: (لو كان معنا إلا زيد لهلكنا) وهو يريد الاستثناء لكان محالا؛ لأنه يصير في المعنى: لو كان معنا زيد فهلكنا؛ لأن البدل بعد (إلا) في الاستثناء موجب.


(١) البيت في المغني ١/ ٧٢، والأشموني ٢/ ١٥٦، واللسان (إلا).
(٢) البيت في الخزانة ٢/ ٥٢، وابن يعيش ٢/ ٨٩، ومغني اللبيب ١/ ٧٢.
(٣) البيت في ديوانه ٤٣، واللسان (عرز).

<<  <  ج: ص:  >  >>