للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزم القياس على الشاذّ في كلّ شيء، وقد ذكر سيبويه منه أشياء لا يقاس عليها.

وأما أيّي وأيّك وما جرى مجراه فكلامه فيه واضح، والشواهد فيه كثيرة؛ منهما ما أنشده، ومنها قول عنترة:

فلئن لقيتك خاليين لتعلمن ... أيّي وأيّك فارس الأجراف

وقال الجميح بن الطّمّاح (جاهلي):

وقد علم الأقوام أبي وأيّكم ... بني عامر أوفى وفاء وأكرم (١)

وقال قرط اليربوعيّ (جاهليّ):

أبني سليط لا أبا لأبيكم ... أيّي وأيّ بني صبير أكرم (٢)

وقال آخر:

أبني سليط كيف أظلم وسطكم ... ولي البراءة والعواقب تعقب

هلا تبيّن في القضاء زعمتم ... أيّي وأيّ خصوم حقّي أكذب (٣)

وقال آخر:

فأيّي وأيّ ابن الحصين وعثعث ... غداة التقينا كان بالحلف أعذرا (٤)

وقوله: (إلا أنّهما لم يشتركا في أيّ) يعني الاسمين لم يضف إليهما واحدة من لفظتي أيّ، واشتراكهما أن تقول: أيّنا وأيّكما وأيّهما، ولكنهما، يعني الرجلين: المخاطب والمتكلم، أخلصا كلّ واحد من أيّ لكلّ واحد منهما، وما في

ذكر هذا كثير طائل، ولكن ذكرناه على ما يقتضيه التفسير.

هذا باب مجرى أيّ مضافا على القياس

قال سيبويه: (وذلك قولك: اضرب أيّهم هو أفضل، واضرب أيّهم كان أفضل، واضرب أيّهم أبوه زيد، جرى هذا على القياس لأنّ (الذي) يحسن هاهنا، فإن قلت:

اضرب أيّهم عاقل، رفعت؛ لأن (الذي عاقل) قبيح. فإن أدخلت (هو) نصبت؛ لأنك لو قلت: هذا الذي هو عاقل، كان حسنا.

وزعم الخليل أنه سمع عربيّا يقول: ما أنا بالذي قائل لك شيئا. ومن تكلّم بهذا


(١) البيت في ديوانه، ابن يعيش ٢/ ١٣٣؛ ولسان العرب (أبا).
(٢) البيت في ديوانه، الخزانة ٤/ ١٠٣.
(٣) البيتان بلا نسبة في تاج العروس (سلط).
(٤) البيت منسوب للشاعر الجاهلي خداش بن زهير بن ربيعة الكتاب ٢/ ٤٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>