للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسماء؛ لأنّ معناها معنى ما لا يستعمل بأن، فتركوا الفعل حين خزلوا أن، ولم يستعملوا الاسم لئلا ينقضوا هذا المعنى ".

قال أبو سعيد: يعني لئلا ينقضوا مقاربة الحال، ومعنى تركوا الفعل أي بقّوه ولم يحذفوه.

قال أبو سعيد: قد ذكرت من مذهب سيبويه أنّ رفع الفعل بوقوعه موقع الاسم، وهذا سبب رفعه.

ووقوعه موقع الاسم عامل غير لفظي، ومنزلته منزلة الابتداء في أنه عامل غير لفظي لا في أنّه يرتفع بالابتداء، والفعل مرفوع سواء كان الاسم الذي وقع الفعل موقعه مرفوعا أو منصوبا أو مخفوضا؛ لأن وقوعه هذا الموقع هو الرافع له. ولو كان إعراب الفعل يتبع إعراب الاسم الذي وقع موقعه صار عامل الاسم عامله، وما يعمل في الاسم لا

يعمل في الفعل، وعامل الفعل لا يعمل في الاسم.

ورأي سيبويه أفعالا ترتفع في مواضع لا يقع فيها الاسم فبيّن أنّ تلك المواضع في الأصل تقع فيها الأسماء، وأنه عرض فيها معان اختاروا من أجلها لزوم الفعل وترك الأصل، فمن تلك المواضع: هلا يقول زيد ذاك، والأصل زيد يقول ذاك، ثم قال قائل: لا يقول زيد ذاك، فينفي يقول، فيحضّض السامع على القول، فيجعل مكان لا هلا، ولمّا كانت هلا وأخواتها للتحضيض ومعناهنّ معنى الأمر ذكر الفعل لئلا يزول معنى التحضيض والأمر، والموضع موضع ابتداء.

ومثل ذلك: ما أحسن زيدا، ما مبتدأة، وأحسن فعل ماض في موضع خبر المبتدإ، وخبر المبتدإ في تقدير اسم؛ لأنه شيء هو المبتدأ، ونحن لا نقول: ما محسن زيدا؛ لأنّ أحسن فعل ماض يدلّ لفظه على استقرار الحسن فيه الذي باستقراره فيه يستحقّ التعجّب، ومحسن لا يدلّ على ذلك، وكذلك لو أن زيدا جاء لكان كذا، معناه: لو مجيء زيد، ولا يستعمل مجيء؛ لأنّ لو تجري مجري إن في الشرط والجواب، فاحتيج في شرطه إلى ذكر فعل يلزمه الشرط كلزومه في إن.

وقوله: ائتني بعد ما يفرغ، ما موصولة ب (يفرغ) ويجوز وصلها بالابتداء والخبر كقولك: ائتني بعد ما زيد أمير، وتكون ما وما بعدها من الفعل بمنزلة المصدر، ك (أن) وما بعدها؛ غير أنّ أن تختصّ بالفعل فلذلك نصبته، وما يليها الاسم المبتدأ والخبر، ويليها الفعل، فلذلك لم تنصب الفعل. وإنما مثّلها سيبويه بالذي في أنّها لا تعمل شيئا كما لا تعمل الذي، وأمّا كدت أفعل ونحو ذلك مما يلزم فيه الفعل فالأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>