للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استغنى، فصار كسرت، لو قلت: فأدخلها حسن، ولا يحسن: كان سيري فأدخل، إلا أن تجيء خبرا لكان. واعلم أن (أسير) بمعنى (سرت) إذا أردت بأسير معنى سرت.

واعلم أن الفعل إذا كان غير واجب، لم يكن إلا النصب، من قبل أنه إذا لم يكن واجبا، رجعت (حتى) إلى أن وكي، ولم تصر من حروف الابتداء، كما قلت:

إذن أظنك، والظن غير واقع في حال حديثك.

وتقول: أيهم سار حتى يدخلها، لأنك قد زعمت أنه قد كان سير ودخول، وإنما سألت عن الفاعل. ألا ترى أنك لو قلت: أين الذي سار حتى يدخلها وقد دخلها لكان حسنا، ولجاز هو الذي يكون لما قد وقع، لأن الفعل ثم واقع، وليس بمنزلة (قلما سرت) إذا كان نافيا لكثر ما سرت؛ ألا ترى أنه لو قال: قلما سرت فأدخلها أو حتى أدخلها، وهو يريد أن يجعلها واجبة خارجة من معنى (قلما)، لم يستقم إلا أن تقول: قلما سرت فدخلت، وحتى دخلت، كما تقول: ما سرت حتى دخلت. فإنما ترفع بحتى في الواجب، ويكون ما بعدها مبتدأ منفصلا من الأول، كان مع الأول فيما مضى أو الآن. وتقول: أسرت حتى تدخلها، نصبت، لأنك لم تثبت سيرا تزعم أنه قد كان معه دخول.

قال أبو سعيد: هذا الباب معتمده ذكر ما كان بعد (حتى) متصلا بما قبله، وذلك من المرفوع ما كان متصلا بما قبله، وقد أوجبه ما قبله؛ ومن المنصوب ما كان غاية، وهما يتقاربان في اشتراكهما في اتصال ما قبلهما بما بعدهما؛ فاتصال المرفوع بما قبله كاتصال ما بعد (الفاء) بما قبلها، ولذلك يمثله بالفاء لإيصال ووقوع الثاني عقيب الأول.

ووجه رفعه هو ما ذكرته لك.

وليست (حتى) المنصوب ما بعدها من الفعل هي المرفوع ما بعدها، لأن المرفوع ما بعدها ليست بعاملة، والمنصوب ما بعدها حرف خفض؛ وكل فعل كان مبناه على الإيجاب فهو مما لم يرتفع فيه الفعل بعد (حتى)، فإن اتصل به تشكك كقولك: سار عبد الله حتى يدخلها، أو سار حتى يدخلها أرى، وكذلك: سار عبد الله حتى يدخلها. ويجوز أن يكون ما قبل (حتى) المرفوع ما بعدها من الفعل من باب أرى وأفعال الظن والمحسبة لأن القلوب تنعقد على ذلك- وإن كان فيه بعض عوارض الشك- كانعقادها على العلم واليقين، ويكون اللفظ عليه كما يكون ذلك في الخبر اليقين، وذلك قولك: أرى عبد الله سار حتى يدخلها، وكذلك: أظن عبد الله سار حتى يدخلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>