للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر، ويقال: وضعه النحويون:

إذا ما الخبز تأدمه بلحم ... فذاك أمانة الله الثريد (١)

وقد جازوا بها في الشعر مضطرين، شبهوها ب (إن)، حيث رأوها لما يستقبل، وأنها لا بد لها من جواب. وقال قيس بن الخطيم الأنصاري:

إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب (٢)

القافية مكسورة، وقال الفرزدق:

ترفع ليّ خندف والله يرفع لي ... نارا إذا خمدت نيرانهم تقد (٣)

وقال بعض السلوليين:

إذا لم تزل في كلّ دار عرفتها ... لها واكف من دمع عينك يسجم (٤)

ويروي: يسكب. فهذا اضطرار، وهو في الكلام خطأ، ولكن الجيد قول كعب بن زهير:

وإذا ما تشاء تبعث منها ... مغرب الشمس ناشطا مذعورا (٥)

واعلم أن حروف الجزاء تجزم الأفعال، وينجزم الجواب بما قبله، وزعم الخليل أنك إذا قلت: إن تأتني آتك، ف (آتك) انجزمت ب (إن تأتني)، كما تنجزم إذا كانت جوابا للأمر حين تقول: ائتني آتك.

وزعم الخليل أن (إن) هي أمّ حروف الجزاء، فسألته: لم قلت ذلك؟

فقال: من قبل أني أرى حروف الجزاء قد يتصرفن فيكنّ استفهاما، ومنها ما يفارقه (ما) فلا يكون فيه الجزاء، وهذه على حال واحدة أبدا لا تفارق المجازاة.

واعلم أنه لا يكون جواب الجزاء إلا بفعل أو بالفاء.

فأما الجواب بالفعل فنحو قولك: إن تأتني آتك، وإن تضرب أضرب، ونحو ذلك.

وأما الجواب بالفاء فنحو قولك: إن تأتني فأنا صاحبك. ولا يكون الجواب في


(١) ابن يعيش ٩/ ٩٢؛ الكتاب ٣/ ٦١؛ لسان العرب ١٢/ ٩ (أدم).
(٢) البيت في ديوانه ٨٨، الكتاب ٣/ ٦١.
(٣) البيت في ديوانه ٢١٦، الخزانة ٣/ ١٦٢؛ الكتاب ١/ ٤٣٤.
(٤) البيت في الكتاب ٣/ ٦٢.
(٥) البيت في ديوانه ٢٩، ابن يعيش ٨/ ٩٣٤؛ الكتاب ٣/ ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>