للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالآخر.

ومثله قوله:

إن يبخلوا أو يجبنوا ... أو يغدروا لا يحفلوا

يغدوا عليك مرجّلي ... ن كأنهم لم يفعلوا (١)

فقوله يغدوا عليك بدل من لا يحفلوا إن غدوّهم مرجلين.

يفسر أنهم لم يحفلوا.

وسألته هل يكون إن تأتنا تسألنا نعطك فقال: هذا يجوز على غير أن يكون مثل الأول؛ لأن الأول الفعل الآخر تفسير له وهو هو، والسؤال لا يكون الإتيان، ولكنه يجوز على الغلط والنسيان ثم يتدارك كلامه.

ونظير ذلك من الأسماء مررت برجل حمار كأنه نسى ثم تدارك كلامه.

وسألته عن قول الله- تعالى-: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ (٢). فقال: هذا كالأول؛ لأن مضاعفة العذاب هو لقيّ الآثام.

ومثل ذلك من الكلام إن تأتنا نحسن إليك نعطك ونحملك تفسر الإحسان بشيء هو هو، وتجعل الآخر بدلا من الأول.

فلو قلت: إن تأتني آتك أقل ذاك كان غير جائز، لأن القول ليس بالإتيان إلا أن تجيزه على ما جاز عليه تسألنا.

وأمّا ما ينجزم بين المجزومين فقولنا: إن تأتني ثم تسألني أعطك، وإن تأتني فتسألني أعطك، وإن تأتني وتسألني أعطك، وذاك لأن هذه الحروف يشركن الآخر فيما دخل فيه الأول، وكذلك أو وما أشبههن.

ويجوز في ذا الفعل الرفع، وإنما كان الرفع في قوله: (متى تأته تعشو) لأنه في موضع عاش، كأنه قال: متى تأته عاشيا ولو قلت: متى تأته وعاشيا كان محالا. وإنما أمرهن أن يشركن بين الأول والآخر.

وسألت الخليل عن قوله: إن تأتني فتحدثني أحدّثك، وإن تأتني وتحدثني أحدثك؛ فقال: هذا يجوز والجزم الوجه.


(١) البيت منسوب لبعض بني أسد، ابن يعيش ١/ ٣٦.
(٢) سورة الفرقان، الآية: ٦٨، ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>