للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأتني آآتك فأحدثك تجزمه بالعطف على آآتك، ومثله قول الله- عز وجل-: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ

يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ (١) ويجوز آتك فأحدثك، ومثله قرأه من قرأ بالرفع (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ)، ورفعه بالقطع من الأول، والاستئناف لما بعده.

وذكر سيبويه أن النصب ضعيف، وحكى أنه بلغه أن بعضهم قرأ: فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وسبب ضعفه أن جواب الشرط خبر موجب، وسبيله أن يعطف عليه، أو يستأنف، كما يعمل بالخبر المبتدأ إذا قلت آتيك فأحدثك، والنصب في الخبر المبتدإ الذي ليس بجواب أقبح منه في جواب الشرط، إذا قلت: آتيك فأحدثك، فهو قبيح، ومثله:

ألحق بالحجاز فاستريحا (٢)

وإذا قلت إن تأتني أأتك فأحدثك، فالنصب ضعيف وهو على ضعفه أحسن منه في قوله: آتيك فأحدّثك لأن الخبر المبتدأ واجب أن يفعله على كل حال، وجواب الشرط ليس بواجب أن يفعله، إلا أن يوجد الشرط، والشرط قد يوجد وقد لا يوجد.

فأشبه الاستفهام، ونحوه وشبهه سيبويه.

بقولك: أفعل إن شاء الله، لأن أفعل في موضوعه، وأصله إخبار حقه الوفاء به، إذا كان مطلقا، فإذا قرنه ب- إن شاء الله- الذي هو شرط سقط عن قائله الوفاء به، وقوى بذلك النصب بعد جواب الشرط إذا كان تعليقه بالشرط يخرجه عن الإخبار المجرد، وجعل سيبويه إن شاء الله استثناء، وإن كان لفظه لفظ الشروط على تسمية الفقهاء، ذلك لأنهم يسمّون إن شاء الله- بعد الإيمان- استثناء، وإنما سموه استثناء لأنه يسقط لزوم ما يعتقده الحالف، فصار بمنزلة الاستثناء الذي يسقط ما يوجبه اللفظ الذي قبله.

ومعنى قوله:

... لا يزل يرى ... مصارع مظلوم ... (٣)

يعني: مصارع


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٨٤.
(٢) عجز بيت سبق تخريجه.
(٣) البيت منسوب للأعشى سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>