للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ماض وغير ماض، فصار الفعل الماضي بمنزلة (أمس) والحال ك (اليوم) والآن والمستقبل ك (غد) وسهل إضافته إلى الفعل لأنه أبين من إضافته إلى مصدره لأن لفظ الفعل يدل على تحصيل زمانه، ولفظ المصدر لا يدل على ذلك، ثم جعل الزمان الماضي كله ب (إذ) والمستقبل كله ب (إذا)، وألزموا (إذ) الإضافة إلى فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر كقولك في إضافتها إلى الفعل والفاعل:

جئتك إذ خرج زيد، وخرجت إذ يلي زيد بغداد؛ وإضافتها إلى المبتدإ والخبر، كقولك: دخلت البصرة إذ عمرو أميرها، وخرجت منها إذ عمرو معزول، وأما (إذا) فألزموها إضافتها إلى الفعل والفاعل دون المبتدإ والخبر لأن

فيها معنى المجازاة، ولا تكون المجازاة إلا بالفعل والفاعل فقالوا: آتيك إذا ولى زيد، وأقصدك إذا يخرج زيد، ولا تقول:

آتيك إذا زيد أمير، وإنما لم يجز إلا بالفعل لأنك إذا قلت:

آتيك إذا ولى زيد، ففيها معنى إن ولى زيد أتيتك ومن أجل ذلك جاز أن يكون اللفظ ماضيا، والمعنى مستقبلا، ثم أتبعوا أسماء الزمان في إضافتها معانيها مما كان منها يراد به المضي أضافوه إلى الفعل والفاعل، والمبتدأ أو الخبر، وما أرادوا به الاستقبال أضافوه إلى الفعل والفاعل.

وأجروها في الإضافة مجرى (إذ) وإذا تقول: كان ذاك زمن زيد أمير، لأن معناها معنى (إذ)، ولو قلت يكون ذاك زمن زيد أمير لم يجز لأن معناها معنى (إذا)، وإنما تقول:

يكون ذلك زمن يتآمر زيد.

ومما يتفرع من هذا الباب أنك تقول: آتيك إذا قام زيد، ولا يجوز آتيك يوم قام زيد، وزمن قام أخوك لأن آتيك للمستقبل، وقام للماضي فلا يستقيم اجتماعهما، وإنما جاز آتيك إذا أقام زيد لأن إذا لما تضمنته من معنى المجازاة نقلت المستقبل إلى لفظ الماضي، و (إذا) وإن كان فيها معنى المجازاة فهي اسم، و (إن) حرف.

واستدل الرياشي (١) على ذلك بأنك تقول: القتال إذا جاء زيد، كما تقول: القتال يوم الجمعة، ولا تقول: القتال إن جاء زيد وأما قولهم:

ما رأيته منذ كان عندي، ومنذ جاءني، فإن (منذ) يحتمل أن تكون اسما وحرفا، فإن كان اسما فهو كإضافة أسماء الزمان إلى الفعل، (منذ) من أسماء الزمان؛ وإن كان حرفا


(١) الرياشي: أبو الفضل العباس بن الفرح بن علي بن عبد الله البصري لغوي، راوية من أهل البصرة له مؤلفات في الخيل والإبل وكلام العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>