للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظالم أريد قتلك. فذل له ابن الاطنابة حتى كف عنه.

و" أنما تقتل " في موضع نصب " بأبلغ " ومعنى قول الخليل: " أنما " بمنزلة فعل ملغى: أن " أن " منزلتها منزلة فعل على ما تقدم من ذكر ذلك. فإذا كفت لم يكن لها اسم منصوب صار بمنزلة فعل ملغي كقولك: أشهد لزيد خير منك.

وقوله: بمنزلة (إذ) و " إذا "، وأن " إذ " و " إذا " لا يعملان شيئا فيما بعدهما وتلي " إذا " المبتدأ والخبر والفعل والفاعل وتمامها بما بعدها. وكذلك " أنما " يليها المبتدأ والخبر والفعل والفاعل وهي لا تعمل شيئا فيما بعدها فهذا وجه التشبيه. وقوله: وجدتك أنما أنت صاحب كل خنى لم يجز سيبويه في " أنما " إلا الكسر.

وذلك أن " وجدتك " يتعدى إلى مفعولين وهي من باب " علمت " و " حسبت " ورأيت من رؤية القلب " فالكاف " المفعول الأول والمفعول الثاني جملة قائمة بنفسها فحكمها أن تكون كلاما مستأنفا يوضع في موضع الخبر نحو: المبتدأ والخبر. وما هو بمنزلتها نحو الفعل والفاعل. و " إنّ " المكسورة مما يصح أن يبتدأ به من الكلام ولو قلت: حسبتك أنما أنت صاحب كل خنّى بفتح " أنما " كان بمنزلة: المصدر. والمصدر لا يكون خبرا للكاف. ألا ترى أنك لا تقول: " حسبت زيدا خروجه " و " حسبت زيدا سبقه ".

وقد قرئ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ (١) وهو على ما سقناه من كلام سيبويه لا يجوز. وهو مذهب من تقدم من النحويين البصريين إلا أن الزجاج أجازه على البدل من " الذين " واحتج بقول " عبده بن الطيب " (٢) في بدل المصدر من الاسم:

فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما (٣)

" أبدل " هلكه " من " قيس ".


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٧٨.
(٢) هو يزيد بن عمرو التميمي، شاعر مكة مخضرم أدرك الإسلام وأسلم توفي ٢٥ هـ العقد الفريد:
٣/ ٢٨٦.
(٣) البيت في الكتاب: ١/ ٧٧، ابن يعيش: ٣/ ٦٥، زهر الآداب: ٩٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>