للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو خير منك. ولكنه على إرادة اللام. كما قال عز وجل: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (١)، على اليمين. وكأن في هذا حسنا حين طال الكلام.

وسألته عن " كأن " فزعم أنها " أن " لحقتها الكاف للتشبيه ولكنها صارت مع " أن " بمنزلة كلمة واحدة وهي نحو: كأي رجلا ونحو له كذا درهما.

وأما قول العرب في الجواب " أنه " فهو بمنزلة " أجل " وإذا وصلت قلت: " إنّ يا فتى " وهي التي بمنزلة أجل. قال الشاعر:

بكر العواذل في الصبو ... ح يلمننى والومهنه (٢)

ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت فقلت إنّه

قال أبو سعيد: أصل " أشهد " أن يتعدى بالباء " أن " تقع على مصدر كأنك قلت:

أشهد على زيد بالفسق " وأشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد بأن زيدا. وأشهد بأنه لا إله إلا الله. فيجوز مع إدخال الباء وطرحها ولا يجوز طرح الباء مع المصدر. لا تقل: " أشهد على زيد الفسق ". ثم أجروا " أشهد " مجرى " أعلم " لأن الشهادة بالشيء عن علم به تقدم.

غير أنهم لم يتجاوزوا في إقامته مقام " أعلم " وقوعها على " أن " فقال: أشهد أن زيدا منطلق. كما قالوا: أعلم أن زيدا لمنطلق.

وقد يقال " شهدته " وليس في معنى: حضرته. وليس في معنى " علمته ". ويقال:

علمت زيدا أخاك على أن " أخاك " مفعول ثان ولا يقال على ذلك: شهدت زيدا أخاك.

واعلم أن اللام في قولك: (أشهد أن زيدا لمنطلق) و " أعلم أن زيدا لمنطلق حقا " وموضعها أن يكون قبل " أن " وذلك أن اللام تمنع ما قبلها من العمل فيما بعدها. فلو كان موضعها بعد " أن " لوجب فتح " أن " ولبطل عمل " أن " فيما بعد " أن " فكأن يلزم من ذلك أن يقال: علمت أن في الدار لزيد ففتح " أن " لوقوع عليه. ولا مانع من فتحها كما

فتح إذا قلت: علمت أن زيدا منطلق. ويبطل نصب زيد بأن اللام إذا منعت من عمل اللام


(١) سورة الشمس، الآية: ٩.
(٢) البيتان لعبد الله بن قيس الرقيات وهما في ديوانه: ٦٦، وابن يعيش: ٣/ ١٣٠، أمالي ابن الشجري:
١/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>