للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قال بئسما صنعت فتقديره: بئسما ما صنعت، بمعنى: بئس الشيء أو بئس شيئا شيء صنعت " فما " الثانية مذكورة قد وصفتها (بصنعت) تريد: صنعته وحذفت الموصوف وأقمت الصفة مقامه كما حذف وقدر في قوله:

أمن يهجو رسول الله منكم ... وينصره ويمدحه سواء (١)

بمعنى: ومن ينصر. على أن " من " نكرة حذفت وأقيمت صفتها مقامها. وكان ذلك أسهل من حذف الموصول.

وذكر سيبويه: أنهم سمعوا فصحاء العرب يقولون: لحق أنه ذاهب بإضافة " حق " إلى " أنه ... " وإضافتها توجب أنه اسم واحد وهو مبتدأ وخبره محذوف. ومثله سيبويه: بقوله: ليقين ذاك أمرك.

وذكر الأخفش أنه لم يسمع ذلك من العرب وأن الذي يقبحه حذف الخبر ثم أجازه وقال: لا يبعد خبر مثل هذا أن يضمر. وإنما مثله سيبويه بيقين ذاك أمرك لأن قولك: زيد منطلق بنا و " يقينا ... " فمقارب معناه. وحق أنه ذاهب في التقدير: حق ذهابه ومعناه: ذهابه حق صحيح. وحسن حذف خبره لتضمن الأول الاسم والخبر كما حسن حذف خبر حسبت أن زيدا قائم استغنى: " حسبت " عن الخبر يتضمن " أن " الاسم والخبر. وذلك أن الاعتماد على " أن " وقد تضمنت الاسم والخبر.

ومعنى خليق لأن تفعل. معناه: متهيئ للفعل بما يظهر من الإمارة الدالة على كون ذلك منه فيما بعدها. فاحتاجت " أن " للاستقبال وإلى " اللام " لأن معناه: متهيئ لهذا الفعل. وإذا قلت: أخلولقت السماء لأن تمطر. لما ظهر فيها من الغيم الندى، الندى الذي يغلب على الظن أن المطر فيه. وإذا حذفت اللام من " أن " جاز لما ذكرت لك. ولا يجوز حذفها من المصدر. وتقول: " هو خليق أن يفعل " على معنى " لأن يفعل " ولا تقول: خليق الفعل بمعنى: للفعل. وكذلك: أخلولقت السماء أن تمطر ولا يحسن: أخلولقت السماء المطر. ومثله: دنوت أن تفعل ومعناه: دنوت من أن تفعل فإذا رددته إلى المصدر قلت: دنوت من الفعل ولا نقل: دنوت الفعل. وحذف


(١) البيت لحسان بن ثابت ديوانه: ٩.
المقتضب: ٢/ ١٣٧، المغني: ٢/ ٦٢٥، الأشموني: ١/ ١٧٤، العقد الفريد: ٥/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>