للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرفع وأرى أن سيفعل لأنك تريد: " أنك لا تقول ذاك وأرى أنه سيفعل ولا تكون السين في الفعل حتى تكون بمنزلة: " أنه " لأن " أن " المخففة لا يليها إلّا الفعل الذي تنصبه والماضي. " والسين وسوف " لا تدخل عليهما عوامل الفعل لأن السين وسوف أنما دخلتا على فعل مستقبل يكن فيه الحال والاستقبال فأخلصتاه للاستقبال وعوامل الأفعال لا تكون للحال إنما تكون للاستقبال فلا مدخل لها على " السين " و " سوف " ومثله: قوله عز وجل: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (١).

والتأويل الثاني في هذه الأفعال: أنها أفعال وقعت في القلب واعتقدها صاحبها بغير دليل ولا برهان وإذا وقف على صورتها وعلم أن ذلك الاعتقاد لما كان بغير دليل جوز أن يكون معتقده، يصح وجوز أن لا يصح. وجوز أن يكون وأن لا يكون فصار بمنزلة " خشيت " و " خفت " وخبر عنها الذي يقف على صورتها باللفظ الذي يستعمله في " خفت " و " خشيت " و " رجوت ". وذلك قولك: ظننت أن لا تفعل ونظير ذلك تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢)، إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ (٣) ودخول " لا " بعد " أن " لا يغير النصب في قولك: ظننت أن لا تفعل ذلك وفي القرآن لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ (٤)، وأَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ (٥). وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (٦). في قراءة من نصب وهو أكثر من أن يحصى. وقد ذكرنا فيما مضى أن لا يفصل بين العامل والمعمول فيه.

وجعل سيبويه لباب " ظننت " و " خلت " مزية على باب " خشيت " و " خفت " فأجاز تشديد " أن " في باب " ظننت " و " خلت " جوازا مستمرا مستحسنا. ولم يجز في " خشيت " و " خفت " التشديد إلا على ضعف وعلى أنه ليس وجه الكلام. وقال في الفصل بينهما أنك في باب " خشيت " لا تريد أن تخبر أنك تخشى شيئا قد ثبت عندك ولكنه كقولك:


(١) سورة المائدة، الآية: ٧١.
(٢) سورة القيامة، الآية: ٢٥.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٣٠.
(٤) سورة الحديد، الآية: ٢٩.
(٥) سورة الأعراف، الآية: ١٦٩.
(٦) سورة المائدة، الآية: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>