للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي هي حرف الإعراب كالواو والياء " وكأنه خطأ سيبويه فيما قال، ولم يذهب سيبويه حيث قدر أبو الحسن والله أعلم: لأن سيبويه إنما أراد أنهم زادوا للجمع في المؤنث ألفا وتاء، كما زادوا في المذكر واوا وقد أحكمنا هذا فيما ذكرنا قبل، ويحتمل أيضا أن يكون أراد سيبويه بقوله: " جعلوا التاء التي هي حرف الإعراب " حركة التاء وحذفها كما قال الله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (١).

[الأفعال الخمسة]

قال سيبويه: " اعلم أن التثنية إذا لحقت الأفعال المضارعة، علامة للفاعلين، لحقتها ألف ونون، ولم تكن الألف حرف الإعراب؛ لأنك لم ترد أن تثنّى " يفعل " هذا البناء، فتضمّ إليه " يفعل " آخر، ولكنه إنّما ألحقته هذا علامة للفاعلين، ولم تكن منوّنة ولا تلزمها الحركة؛ لأنه يدركها الجزم والسكون، فتكون الأولى حرف الإعراب، والثانية كالتنوين، فلمّا كانت حالها في الواحد، غير حال الاسم وفي التثنية لم تكن بمنزلة، فجعلوا إعرابه في الرفع ثبات النون؛ ليكون له في التثنية علامة للرفع، كما كان في الواحد؛ إذ منع حرف الإعراب، وجعلوا النون مكسورة حالها في الاسم، ولم يجعلوها حرف إعراب؛ إذ كانت متحركة لا تثبت في الجزم.

قال أبو سعيد: اعلم أن الفعل لا يثنّى ولا يجمع؛ لأن المثنى والمجموع هو الذي يدخل في نوع يشاركه فيه غيره، فيشتمل النوع على آحاد منكورين، فتضمّ بالتثنية واحدا من النوع إلى آخر منه، وتضم بالجمع واحدا من النوع إلى أكثر منه، كقولك: رجل ورجلان ورجال، وفرس وفرسان وأفراس، وليس الفعل كذلك، لأن اللفظ الواحد من الفعل يعبّر به عما قلّ منه وكثر، وما كان لواحد ولجماعة، كقولك: " أكل زيد " و " ضرب زيد عمرا "، فيجوز أن يكون أكل لقمة ويجوز أن يكون أكل مرارا ويجوز أن يكون ضربه مرة ويجوز أن يكون ضربه مرارا؛ وكذلك تقول: " قام زيد "، و " قام الزّيدان " و " قام الزّيدون ". ولو كان الفعل مثنّى في قولك: " الزّيدان قاما " ومجموعا في قولك:

" الزّيدون قاموا "؛ لأنّ فعل كلّ واحد منهما غير فعل الآخر، لجاز أن يقال: " زيد قاما " و " زيد قاموا " إذا كان قد قام مرّتين أو مرارا. فإذا صح أن الفعل لا يثنّى صح أن الألف


(١) سورة يوسف، ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>