للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعلناه لقبا له لانصرف؛ لأنه ليس هو بالشيء المعدول، وكان كأمس لو سميت به.

وقوله: وهو في الرجل أقوى يعني في باب الصرف، لأن الرجل لا يكون ظرفا فهو أقوى.

قال: " وقد فتح قوم أمس في (مذ)، وهم بعض بني تميم وإنما فعلوا ذلك؛ لأنهم تركوا صرفه "

وما بعد " مذ " يرفع ويخفض، فلما ترك بعض من يرفع صرفه بعد " مذ " ترك أيضا من يجر صرفه بعدها، فكانت مشبهة بنفسها، وقال الراجز:

لقد رأيت عجبا مذ أمسا ... عجائز مثل الأفاعي خمسا

يأكلن ما في رحلهن همسا ... لا ترك الله لهن ضرسا (١)

قال: وهذا قليل؛ لأن الخفض بعد مذ قليل.

وإذا سمي رجل بذه من قولنا " هذه " قلت: هذا ذه قد جاء، ومررت بذه قد جاء، ورأيت ذها، والهاء بدل من الياء في هذي أمة الله، كما أن ميم " فم " بدل من الواو، والياء التي في قوله هذي أمة الله إنما هي ياء ليست من الحروف، وإنما هي لبيان الهاء، فإذا صارت اسما لم يحتج إلى ذلك لما لزمتها الحركة والتنوين، والدليل على أن الياء ليست

من الكلمة أنها لا تثبت في الوقف نقول: هند هذه أو ذه.

ومن العرب من يقول: ذه أمة الله، فيسكن الهاء في الوصل كما يقول " به " في الوصل، وقد مضي نحو هذا.

[هذا باب الظروف المبهمة غير المتمكنة]

وذلك لأنها لا تضاف ولا تصرّف تصرّف غيرها ولا تكون نكرة

قال سيبويه: " وذلك أين، ومتى، وكيف، وحيث، وإذ، وإذا، وقبل وبعد "

قال أبو سعيد: اعلم أن سيبويه ذكر في هذا الباب ظروفا وغير ظروف من المبنيات وقد ذكرت جملتها في أول الكتاب وزدت على ما ذكره سيبويه حروفا ذكرها غيره بما يغني عن الشرح في هذا الموضع، إلا أني أسوق كلام سيبويه وأذكر ما يحتاج إلى إبانة


(١) الرجز للعجاج بن رؤبة في الكتاب ٣/ ٢٨٥، وابن يعيش ٤/ ١٠٦، والخزانة ٣/ ٢١٩، وشرح شذور الذهب ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>