للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعض النحويين قال: كسروا الباء اتباعا لكسرة الراء؛ لأن الحاجز بينهما ساكن وهو غير حصين. كما قالوا: منخر فكسروا الميم لكسرة الخاء. وقولهم في السّهل: سهليّ وفى الدّهر: " دهري " قال فيه بعض النحويين غير للفرق؛ وذلك أن الدّهري هو الرجل الذي يقول بالدهر من أهل الإلحاد والدّهريّ هو الرجل المسن الذي أتت عليه الدهور، والسّهلي هو المنسوب إلى السهل الذي هو خلاف الجبل، " والسّهلي " هو الرجل المنسوب إلى سهل اسم رجل، وحي من بني عدي يقال لهم بنو عبيدة ينسب إليهم " عبديّ " كأنهم أرادوا الفرق بينهم وبين " عبيدة " من قوم أخر، وكذلك بنو الحبلي من الأنصار ومن ولده عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين يقال في التسمية إليه " حبلي " للفرق بينه وبين آخر. ويقال: إنما قيل له الحبلي لعظم بطنه. وليس اسمه الحبلي.

وقالوا في جذيمة جذمي؛ لأن في العرب جماعة اسمهم جذيمة، وفي قريش جذيمة بن مالك بن عامر بن لوءي، وفى خزاعة جذيمة وهو المصطلق، وفى الأزد جذيمة بن زهران بن الحجر بن عمران. وأما قولهم في صنعاء صنعاني، وفي بهراء بهراني وفى دستواء دستواني فلأن الألف والنون تجري مجرى ألفي التأنيث. وقالوا في شتاء شتوي، كأنهم نسبوا إلى شتوة كقولنا صحفة وصحاف. وإذا نسبت إلى جمع فحقه أن ينسب إلى واحده فينسب إلى شتوة لذلك وهو قياس مطرد، وأما النسبة إلى البحرين بحراني فالقياس أن تحذف علامة التثنية في النسبة، كما تحذف هاء التأنيث غير أنهم كرهوا اللبس، ففرقوا بين النسبة إلى البحر وإلى البحرين، وبنوا البحرين لما سموا به على مثل سعدان وسكران ونسبوا إليه على ذلك.

وقولهم في النسبة إلى الأفق أفقي فلأن فعلا وفعلا يجتمعان كثيرا كقولهم عجم وعجم وعرب وعرب، ومن قال أفقي بضم الهمزة وتسكين الفاء فهو على القياس؛ لأن فعلا يجوز أن يسكن ثانيه قياسا مطردا، وأما حروراء وجلولاء، فكان القياس حروراري وجلولاوي، كما يقال حمراوي غير أنهم أسقطوا ألفي التأنيث لطول الاسم، وشبهوها بهاء التأنيث، والذي قال في خراسان: خراسي، شبه الألف والنون بهاء التأنيث أيضا.

والذي يقول خرسي أسقط الزوائد، وبناه على فعل؛ لأن أخف الأبنية فعل، ولم يغيروا الضمة من خراسان وخمضيّة بفتح الميم، حكي عن أبى العباس المبرد أنه يقال حمض وحمض، فإن صح هذا فليس بشاذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>