للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" واو " ساكنة قبلها كسرة فوجب قلبها ياء.

وجعل ما لم يكن له أصل، ملحقا بالياء؛ لأنّا لو صرفنا منه فعلا، وهو على أكثر من ثلاثة أحرف لم يكن بد من أن ينكسر ما قبل آخره، فيصير آخره ياء.

ألا ترى أنّا نقول: سلقى، يسلقي، وجعبى يجعبي. ولو صرفنا من " حبلى " أو " حتى " فعلا لكان يجيء على فعلى يفعلى مثل: حبلى يحبلي، وحتّى يحتّي فتنقلب الألف ياء ضرورة، وقد جاء حرف نادر في هذا الباب قالوا: مذروان لطرفي الإليتين، ورأيت المذروين، وكان القياس مذريان ومذريين؛ لأن تقدير الواحد مذرى، غير أنهم لم يستعملوا الواحد مفردا فيجب قلب آخره ياء. وجعلوا حرف التثنية فيه، كالتأنيث الذي يلحق آخر الاسم، فيغير حكمه، تقول: شقاء، وعظاء، وصلاء لا يجوز غير الهمزة في شيء من ذلك، وأصله شقاو وعظاي، وصلاي، فوقعت الواو والياء طرفين، وقبلهما ألف، ثم قالوا: شقاوة، وعظاية وصلاية، فجعلوه واوا أو ياء؛ لأنه لما اتصل به حرف التأنيث ولم يقع الإعراب على الياء والواو وصارتا كأنهما في وسط الكلمة وكذلك مذروان: لما لم تفارقهما علامة التثنية.

قال الشاعر:

أحولى تنقض أستك مذرويها ... لتقتلني فها أنذا عمارا (١)

ومثل مذروين قولهم: عقله بثنايين، لما لزمته التثنية، جعل بمنزلة عظاية، ولم تقلب الياء التي بعد الألف همزة، فاعرف ذلك.

وقال الكوفيون: إن العرب تسقط الألف المقصورة فيما كثرت حروفه إذا ثنّوا، فيقولون في خوزلى وقهقرى، وما كان نحوهما: خوزلان، وقهقران، ولم يفرق أصحابنا بين ما قلت حروفه أو كثرت، ورأيت في شعر العرب " جماديين " فرأيتهم قد أثبتوا الياء فيها، ولم أر أحدا حذف الياء. قال لبيد:

آويته حتّى تكفّت حامدا ... وأهل بعد جماديين حرام (٢)


(١) المقتضب: ١/ ١٩١، ابن يعيش: ٤/ ١٤٩، الخزانة: ٣/ ٣٦٢، واللسان: " ذرى ".
(٢) البيت في ديوانه ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>