للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سعيد: اعلم أن سيبويه ذكر (أقاويل) و (أبابيت) و (أناييب) وهي جمع (أقوال) و (أبيات) و (أنياب).

فيقول القائل: إذا كان (أقاويل) جمع (أقوال) و (أباييت) جمع (أبيات) فلم لا يثنّى فيقال (أقوالان) و (أبياتان) وإنما سبيل الواحد الذي يجوز فيه الجمع أن يثنّى أولا ثم يجمع؟.

فالجواب في ذلك أن الجمع قد يكثر توكيدا فيعبر بكثيره عن قليل الجنس وكثيره، كما يعبر بسباع ورجال

وشسوع عن القليل والكثير فكذلك يعبر ب (أقاويل) و (أباييت) عن (أقوال) و (أبيات) التي في لفظ القليل ويعبر عن الكثير أيضا.

وقد يكون في لفظ الجمع ما لا يستعمل واحده ولا تثنيته كقولهم (مشابه) و (محاسن) و (مطايب) الجزور. وليس تستعمل التثنية إلا فيما استعمل واحد إلا في أشياء مقترنة لا يفرد الواحد منهما كقولك (مذروان) وهما طرفا الأليتين ولا يقال للواحد (مذرى) و (ثنايان) لحبلين ويستعمل أحدهما مع الآخر ومفراضان وهي أحرف معدودة وقد تقدم أن القياس والباب في الجمع أن لا يجمع إلا فيما جمعته العرب وكذلك الجمع لا يثنى إلا فيما ثنته العرب وإنما تثنيه العرب فيما يذهبون فيه مذهب شيئين مختلفين كقولهم (إبلان) أرادوا (إبل) قبيلة و (إبل) قبيلة أخرى أو (إبلا سوداء) و (إبلا حمراء) كأنهم قالوا قطعتان من الإبل وكذلك لقاحان على ما ذكره سيبويه.

وقد قال أبو النجم:

تبقّلت في أولّ التّبقّل ... بين رماحي مالك ونهشل (١)

فثنى رماحا لأنه أراد رماح هذه القبيلة ورماح هذه القبيلة وهو مالك بن ضبيعة ونهشل بن دارم. وقال آخر: (٢)

سعى عقالا فلم يترك لنا سيّدا ... وكيف لو قد سعى عمر وعقالين

لأصبح النّاس أوبادا ولم يجدوا ... عند التّفرّق في الهيجا جمالين (٣)

فثنى جمالا وبين أنه للتفرق وانحياز جمال من جمال فكأنه قال قطعتين من الجمال


(١) البيتان من مشطور الرجز، في شرح المفصل لابن يعيش: ٤/ ١٥٥، والخزانة: ١/ ٤٠١.
(٢) هو عمرو بن العداء الكلبي. انظر الخزانة: ٧/ ٥٨٥.
(٣) انظر الأغاني: ١٨/ ٤٩، وابن يعيش: ٤/ ١٥٣، الخزانة: ٧/ ٥٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>