للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل؛ لأن الأصل فعل، فإذا قلت: الجلوس والذّهاب وغير ذلك فقد ألحقت زيادة ليست من الأصل، ولم تكن في

الفعل، وليس هذا الضرب من المصادر لازما بزياداته لباب فعل كلزوم الإفعال والاستفعال ونحوهما لأفعالهما، فكان ما جاء على فعل فأصله عندهم الفعل، فإذا جاءوا بالمرة جاءوا بها على فعلة، كما جاءوا بتمرة على تمر، وذلك قولك: فعدت قعدة وأتيت أتية "

قال أبو سعيد: واعلم أن أصل المصدر في الفعل الثلاثي فعل، بفتح الفاء وتسكين العين، وإن نطق بغيره أو زيد فيه زيادات. واستدلّ سيبويه أنه قد يقال في المرة الواحدة فعلة، وإن كان في المصدر زيادة، كقولهم: جلست جلسة، وقمت قومة، وشربت شربة.

والمرة الواحدة إذا كانت بالهاء، فالباب في الجنس أن يكون بطرح الهاء من ذلك اللفظ، كقولهم: تمرة وتمر وجمرة وجمر، وكان الأصل أن تقول جلس جلسا، وقعد قعدا؛ لأن الواحدة قعدة وجلسة، ولكنهم تصرفوا في مصادر الثلاثي، فزادوا وغيّروا، كالجلوس والذّهاب والقيام. وما كان فيه الزيادات من الأفعال الثلاثية، أو كان على أكثر من ثلاثة أحرف، فالمصدر لا يتغير كالأفعال في مصدر أفعل، كقولهم: أكرم إكراما، وأمضى إمضاء، والاستفعال في مصدر استفعل، كقولك: استغفر استغفارا، واستخرج استخراجا.

وقد يزيدون الهاء على المصدر الذي فيه الزيادة، يريدون به مرة واحدة.

تقول: أتيته إتيانة، ولقيته لقاءة واحدة، فجاءوا به على المصدر المستعمل في الكلام كما قالوا: أعطى إعطاء، واستدرج استدراجا.

وما كان من الفعل على أكثر من ثلاثة أحرف، فالمرة الواحدة بزيادة الهاء على مصدره المستعمل لا غير، كالاستغفار والإعطاء والتكسير، يراد بذلك كله مرة واحدة.

وقالوا: غزاة، فأرادوا عمل وجه واحدا كما قيل: حجّة تريد عمل سنة، ولم يجيئوا به على الأصل.

يريد أنه كان حقه أن يقول للمرة الواحدة: غزوة وحجّة، ولكنه جعل اسما لعمل سنة واحدة في الحجّ، وغزوة في وجه واحد.

" وقالوا: قنمة، وسهكة، وخمطة، جعلوه اسما لبعض الريح، كالبنّة والشّهدة والعسلة، ولم يرد به فعل فعلة "

يعني أن القنمة اسم للرائحة الموجودة في الوقت، والخمطة: تغيّر الشراب إلى الحموضة، والبنّة: رائحة موضع الغنم وأبعارها.

<<  <  ج: ص:  >  >>