للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سعيد: يعني أنّ تكون جوابا للقسم إذا أقسم على شيء في أوله لو، ولا تكون جوابا له في غير ذلك.

" وتكون توكيدا في قولك: لما أن فعل ".

يقال: لما جاء زيد أكرمته، ولما أن جاء زيد، وكما قال جل وعز: وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً (١)، وقد تدخل أن المكسورة على ما إذا استعملت اسما في معنى الحين، وذلك أنك تقول: انتظرني إلى ما جلس القاضي، تريد زمان جلوسه كأنه قال:

انتظرني جلوس القاضي أي حين جلوسه، ويجوز أن تدخل على هذا أن فتقول: انتظرني ما إن جلس القاضي.

قال الشاعر المعلوط بن بدل القريعي:

ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته ... عن السّن خيرا لا يزال يزيد

يريد على السن والكبر، كما تقول فلان يزداد خيرا على السن والكبر، يقول:

استعمل عن في معنى على.

قال سيبويه: " أما كي فجواب لقوله كيمه، كما يقول لمه فتقول ليفعل كذا وكذا، وقد بين أمرها في بابها. وأما بل فلترك شيء من الكلام وأخذ في غيره. قال الشاعر أبو ذؤيب حيث ترك أول الحديث:

بل هل أريك حمول الحي غادية ... كالنّخل زينّها ينع وإفضاح (٢)

وقال لبيد:

بل من يرى البرق بتّ أرقبه ... يزجي حبيا إذا خبا ثقبا (٣)

قال أبو سعيد: وليست بترك الأول على جهة الإبطال له في كل حال، ولكنها تكون للإبطال تارة وللإيذان تارة، قصة الأول قد تمت وأخذ في غيرها، وقد يقع في كلام الله تعالى بل بعد شيء من كلامه كقوله عز وجل: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها (٤)، والشاعر إذا قال بل لم يرد أن ما تكلم قبل باطل، وإنما يريد أنه قد تم وأخذ في غيره، كما يقول الشاعر: دع ذا واترك ذا وما أشبه ذلك عنده تمام ما تكلم به والانتقال إلى غيره.


(١) سورة العنكبوت الآية: ٣٣.
(٢) انظر ديوان الهذليين ١/ ٤٥.
(٣) انظر ديوان لبيد ١٢.
(٤) سورة النمل الآية: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>