للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" الوجه " لم تجعل فيه ضميرا من الأول، وإن رفعته جعلت فيه ضميرا من الأوّل فقلت:

" حسن وجهها " فإذا اضطر الشاعر فلم يرفع وجعل فيه ضميرا، فقد وضع الإعراب في غير موضعه، واحتمل له ذلك للضرورة، والبيت تقديره على هذا: جونتا مصطلاهما، بمنزلة: حسنتا أوجههما، فجونتا بمنزلة حسنتا، ومصطلاهما بمنزلة: أوجههما.

وكان الوجه أن يقول: جونتا المصطلى أو المصطلين، ولا يجعل فيه ضميرا، وسنذكر أحكام هذا إن شاء الله تعالى.

[باب تأنيث المذكر وتذكير المؤنث]

قال أبو سعيد: فمن ذلك قول عمر بن أبي ربيعة:

وكان مجنى دون من كنت أتّقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (١)

فحذف الهاء من ثلاثة، وكان ينبغي أن يقول، ثلاثة شخوص، من قبل أنّ الشخص مذكّر، ولكنه ذهب به مذهب النسوة؛ لأنهن كن ثلاث نسوة.

وقال آخر:

وإنّ كلابا هذه عشر أبطن ... وأنت بريء من قبائلها العشر (٢)

أراد بالأبطن القبائل، فذهب مذهب القبائل في تأنيثها، وإلا فقد كان الوجه أن يقول: عشرة لتذكير البطن.

ومما يجري مجرى الضرورة عند كثير من النحويين، ويذهب أبو العباس إلى تجويزه في غير الشعر: تأنيث المذكّر المضاف إلى المؤنث، كقولك: " ذهبت بعض أصابعه "، " واجتمعت أهل اليمامة ". قال الشاعر:

وتشرق بالقول الّذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدّم (٣)

وإنما الوجه أن يقول: كما شرق صدر القناة، لأن الصّدر مذكّر، والفعل له. ومثله:

إذا بعض السّنين تعرّقتنا ... كفى الأيتام فقد أبي اليتيم (٤)

وإنما الوجه أن يقول: تعرّقنا؛ لأن الفعل للبعض وهو مذكّر.


(١) البيت في ديوانه ص ١٠٠.
(٢) البيت بلا نسبة في المذكر والمؤنث للمبرد ١٠٨.
(٣) البيت للاعشى الكبير في ديوانه ٩٤، واللسان (شرق).
(٤) البيت لجرير في ديوانه ٥٠٧، والخزانة ٢/ ١٦٧، وابن يعيش ٥/ ٩٦، واللسان (عرق).

<<  <  ج: ص:  >  >>