للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد لحميد الأرقط، على لغة من يجعل " ليس " بمعنى " ما ":

فأصبحوا والنّوى عالي معرّسهم ... وليس كلّ النوى يلقي المساكين (١)

فنصب " كلّ " بيلقي، وجعل " ليس " بمعنى " ما "، كأنه قال: ما يلقي، وبقول هشام أخي ذي الرمة:

هي الشفاء لدائي إن ظفرت بها ... وليس منها شفاء الداء مبذول (٢)

على قولك: ما منها شفاء الداء مبذول.

قال: (هذا كله سمع من العرب، والوجه والحد فيه أن تحمله على أن في " ليس " إضمارا، وهذا مبتدأ كقوله: " " إنه أمة الله ذاهبة ").

يعني ضمير الأمر.

قال: (إلا أن بعضهم قال " ليس الطيب إلا المسك " و " ما كان الطيب إلا المسك ").

وكان هذا عنده أقوى من الحجة الأولى؛ وذلك أن الذين رفعوا المسك في " ليس " هم الذين نصبوه في " كان " فأشبه أن يكون لفرق بين ليس وكان، والوجه هو الذي ذكرناه، ولو جعل في " كان " ضمير الأمر والشأن لرفع المسك أيضا.

قال: (فإن قلت: " ما أنا زيد لقيته " رفعت إلا في قول من نصب " زيدا لقيته "؛ لأنك شغلت الفعل بضميره).

يعني أنك إذا قلت: " ما أنا زيد لقيته " فالذي ولى حرف النفي غير زيد، ففصل بين " زيد " وبين حرف النفي، فصار " زيد " بمحله في الابتداء، وكان الاختيار فيه الرفع، وهذا يشبه قولك: " أنت زيد ضربته " لما فصلت بين ألف الاستفهام وبين " زيد " وقد مضى الكلام في هذا.

قال: (وهو فيه أقوى لأنه عامل في الاسم).

يعني الرفع في: " ما أنا زيد ضربته " أقوى منه في: " أنت زيد ضربته " لأن " ما " عاملة


(١) العيني ٢/ ٨٢ - الخزانة ٤/ ٥٨ - آمالي ابن الشجري ٢/ ٢٠٣.
(٢) انظر شواهد المغني ٢٤٠، الدرر ١/ ٨٠، المقتضب ٤/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>