للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز فيه التخفيف كما ذكرنا فيما قبله، فإذا خفّف نزعت منه الألف واللام ووحّد، لأن الواحد المنكور شائع في الجنس، وقد مر شرح هذا مستقصى، فلما خففوه بنزع الألف واللام والتوحيد، وكانت العشرون عاملة في النكرات نزعوا " من " أيضا تحقيقا وأعملوا العشرين في درهما.

فإن قال قائل: ولم جاز أن تعمل " العشرون " وما جرى مجراها، وليست بفعل ولا جارية عليه، وإنما هي اسم جامد؟

فالجواب في ذلك أن " العشرين " في الجمع بمنزلة " ضاربين "، فلما كان " ضاربون زيدا " قد تدخل فيه النون فتنصب ما بعده كقولك: " ضاربون زيدا " وتنزع النون فتجر ما بعده كقولك " ضاربو زيد "، وكانت العشرون فيها النون إذا كان ما بعدها جنسا كقولك: " عشرون درهما "، وتنزع النون منها إذا كان ما بعدها مالكا، وما جرى مجراه للإضافة، كقولك: " عشرو زيد "، وكان " ضاربون " مقتضيا للمضروب كما كان " عشرون " مقتضيا للنوع، أشبه العشرون الضاربين، فنصب ما بعده مع النون، وخفض ما بعده مع نزعها.

وسنبين دخول النون على العشرين لم كانت عاملة في نكرة إن شاء الله تعالى.

قال سيبويه: " ولم يكن دخول الألف واللام يغير العشرين عن نكرته ".

يعني: ولم يكن دخول الألف واللام في الدراهم، إذا قلت: " عشرون من الدراهم "، يغير العشرين عن نكرته، لأنه مفصول منها، فلما كان دخول الألف واللام في الدراهم ليس يؤثر في العشرين معنى يزول بتنكيرها وتوحيدها، وكان نكرته الموحدة دالة على مثل ما دلت عليه الجماعة، استجازوا تخفيفها حين استوى المعنى بالتخفيف في

قولك:

" عشرون درهما "، والكلام على أصله في قولك: " عشرون من الدراهم " وذلك معنى قوله:

" فاستخفوا بترك ما لم يحتج إليه ".

قال سيبويه: " ولم تقو هذه الأحرف قوة الصفة المشبهة ".

يعني أنها لم تقو أن تعمل إلا في نكرة، والصفة المشبهة تعمل في المعرفة والنكرة، ولأنك تقول: " زيد حسن الوجه "، كما تقول " زيد حسن وجها " ولم تقو أن تجري على الأول، فتقول: " مررت برجل أفضل منك أبوه " كما قويت الصفة المشبهة في قولك:

" مررت برجل حسن الوجه أخوه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>