للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و " أشجع الناس رجلا " قد يكون فيه منصوب ومخفوض على معنيين مختلفين، ومعنيين متفقين، فجرى باب العدد مجرى: " أشجع الناس رجلا " و " أشجع رجل في الناس " في معنى اجتماع الجر والنصب فيه؛ لأنك تقول في باب العدد: " ثلاثة أثواب "، و " عشرون درهما " و " مائة درهم " فيكون بعضه منصوبا؛ وبعضه مخفوضا؛ على ما توجبه العلل التي نفسرها، إن شاء الله تعالى، على ما كان في الفصل قبل هذا.

قال سيبويه: " وتدخل في المضاف إليه الألف واللام لأنه به يكون الأول معرفة، وذلك قولك: " ثلاثة أثواب " و " أربعة أثواب " و " أربعة أنفس "، وكذلك تقول فيما بينك وبين العشرة، وإذا أدخلت الألف واللام قلت: " خمسة الأثواب وستة الأجمال " وقد مر تفسيره.

قال سيبويه: " فلا يكون هذا أبدا إلا غير منون يلزمه أمر واحد لما ذكرت لك ".

يعني أنه لا بد في الثلاثة وما بعدها إلى العشرة من الإضافة، وترك التنوين، وقد أبنّا ذلك، وأنه غير مستقيم في الكلام التنوين والتقدير: إلا أن يضطرّ شاعر إليه.

قال سيبويه: فإذا زدت على العشرة شيئا من أسماء أدنى العدد، فإنه يجعل مع الأول اسما واحدا استخفافا، ويكون في موضع اسم منون، وذلك قولك: " أحد عشر درهما، واثنا عشر درهما وإحدى عشرة جارية ".

قال أبو سعيد: اعلم أنك إذا جاوزت العشرة بنيت النّيّف والعشرة إلى تسعة عشر فجعلتهما اسما واحدا، كقولك: " أحد عشر " و " تسعة عشر "، وفتحت الاسم الأول والأخير، والذي أوجب بناءهما جميعا أن معناه " أحد وعشرة " و " تسعة وعشرة "، فنزعت الواو وهي مقدرة، والعدد متضمن لمعناها فبنيا؛ لتضمنهما معنى الواو، وجعلا كاسم واحد.

واختير الفتح لهما؛ لأن الثاني حين ضم إلى الأول صار بمنزلة هاء التأنيث التي يفتح ما قبلها، وفتح الثاني؛ لأن الفتح أخفّ الحركات، ولا يكون إلا مثل الأول؛ لأنهما اسمان جعلا اسما واحدا، فلم يكن لأحدهما على الآخر مزية، فجريا مجرى واحدا في الفتح، وقد قلنا: إن الذي أوجب فتح الأول هو ضم الثاني إليه، وأجري الثاني مجراه؛ لأنه

ليس أحدهما أولى بشيء من الحركات من الآخر، وانتصب ما بعدهما من قبل أن فيهما تقدير التنوين، ولا يصح إلا كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>