للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: " ومثله بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (١) والمعنى بل مكرهم في الليل والنهار، ومثله وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ (٢) وإنما هو ولكن البرّ برّ من آمن بالله ".

وفي هذا وجه آخر، وهو أن يجعل البر في معنى البارّ، فكأنه قال تعالى: ولكن البارّ من آمن بالله.

قال: (ومثله في الاتساع قوله عز وجل: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما (٣) المعنى: مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل ... الناعق والمنعوق به).

فالناعق الراعي والمنعوق به الغنم، فجعل المؤمنين كالراعي والكفار كالمنعوق به، والتمثيل في ذلك كلّه أن الكفار لم يعتقدوا ما خوطبوا به، ولم يحصلوا به أكثر من سماعه، ويدلك على صحة هذا أن الكفار لم يشبّهوا بما

ينعق؛ لأن الذي ينعق هو الراعي، وهم لم يشبهوا به، وإنما شبّهوا بالمنعوق به.

وقال بعضهم: أراد بقوله تعالى: كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ الذي ينعق به، كما قال تعالى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ (٤) أي ينطق به، وكما قال تعالى: وَالنَّهارَ مُبْصِراً (٥) أي يبصر فيه، والمعنى في هذا التأويل أنه جعل الذين كفروا في دعاء بعضهم لبعض كمثل صياح الغنم بعضها ببعض، واللفظ مقلوب على ما خبّرتك.

قال: ومثل ذلك " بنو فلان يطؤهم الطريق " يريد يطؤهم أهل الطريق ".

وهذا مدح، والمعنى فيه أن بيوتهم على الجادة فالمارّة تنزل عليهم ويضيفونهم، فجعل مرور أهل الطريق بهم وطأهم إياهم.

وقالوا: " صدنا قنوين " وإنما يريد صدنا بقنوين أو صدنا وحسن قنوين وإنما قنوان اسم أرض.

قال: وفي السعة مثله " أنت أكرم عليّ من أن أضربك "، و " أنت أنكد من أن تتركه " إنما يريد أنت أكرم عليّ من صاحب الضرب.


(١) سورة سبأ، آية: ٣٣.
(٢) سورة البقرة، آية: ١٧٧.
(٣) سورة البقرة، آية: ١٧١.
(٤) سورة الجاثية، آية: ٢٩.
(٥) سورة يونس، آية: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>